أحد عناوين الفساد المالي في تونس و تبديد الثروات الوطنية يكمن في هذا الرقم الذي كشف عنه مرصد رقابة حيث بلغت قيمة أجور الأعوان الوهميين لما سميت بشركات البيئة والغراسة والبستنة خلال الفترة الممتدة من 2011 الى 2022 مبلغ 1500 مليون دينارا تكفلت بخلاصه شركة فسفاط قفصة و المجمع الكيميائي التونسي.
و الفساد هنا يكمن في أن هؤلاء الأعوان الوهميين لا يؤدون أية خدمة بقاء الأجور التي يتلقونها لا للدولة و لا للشركات العمومية التي تدفع لهم و قد كانت في الماضي رابحة و أصبحت اليوم بفعل سوء التصرف هذا تعاني من مشاكل مالية. فهل سيضع الرئيس قيس سعيد حدا لهذه المهزلة المكلفة جدا للدولة وهو ما انفك يحدثنا عن الفساد الذي ينخر الدولة و يهدد و يتوعد المفسدين ؟
ننشر في ما يلي نص البلاغ الذي نشره مرصد رقابة حول هذا الموضوع…
شهدت سنة 2011 بعث 4 شركات فرعية من طرف شركة فسفاط قفصة تعنى ب”جميع الخدمات البيئية الناتجة عن الأنشطة الصناعية بالحوض المنجمي” (شركة البيئة والغراسة بالمتلوي، شركة البيئة والغراسة بالرديف، شركة البيئة والغراسة بأم العرائس، شركة البيئة والغراسة بالمظيلة). وتكفلت شركة فسفاط قفصة بتحمل الأعباء المالية بعنوان خلاص أجور العملة بتلك الشركات. وقد قدرت المبالغ المسندة لفائدة الشركات المذكورة خلال الفترة الممتدة من سنة 2011 الى سنة 2022 بأكثر 700 مليون دينار في ظل غياب أي اتفاقية إسداء خدمات في الغرض.
من ناحية أخرى قام المجمع الكيميائي التونسي خلال سنة 2011 ببعث 3 شركات فرعية لنفس الغرض (شركة البيئة والغراسة والبستنة بصفاقس، شركة البيئة والغراسة والبستنة بقابس، شركة البيئة والغراسة والبستنة بقفصة). كما تحمل المجمع الأعباء المالية بعنوان خلاص أجور العملة بتلك الشركات. وقدرت المبالغ المسندة خلال الفترة الممتدة من سنة 2011 الى سنة 2022 بأكثر 800 مليون دينار في ظل غياب أي اتفاقية اسداء خدمات في الغرض.
هذه الشركات خفية الاسم المتمثل نشاطها الرئيسي في زراعة المشاتل والعناية بالبيئة وغراسة الأشجار الغابية والمثمرة وتهيئة المناطق الصناعية حسب ما هو مضمن بالسجل الوطني للمؤسسات تم إحداثها كإجراء ظرفي للحد من وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات التي تسببت في تعطيل نشاط إنتاج ووسق الفسفاط لتتحول الى حل دائم، مع تضاعف أعداد المنتدبين، الذي أدى بدوره إلى ارتفاع كلفة التأجير (من 30 مليون دينار سنة 2012 الى 225 مليون دينار سنة 2022) مقابل غياب الحد الأدنى من النشاط وقيمة مضافة شبه معدومة وانتشار مظاهر المحسوبية في الانتداب واستفحال ظاهرة الوظائف الوهمية في ظل انعدام الرقابة.
ورغم الكلفة الباهظة التي تكبدتها المؤسستان العموميتان بهدف تحقيق مناخ اجتماعي يمكن عودة الإنتاج الى نسقه الطبيعي، فان الوضعية تفاقمت الى حد عجز الشركات عن الإيفاء بالتزاماتها.
وضعية شركات البيئة و الغراسة والبستنة كانت موضوع العديد من جلسات عمل وزارية آخرها بتاريخ 22 أوت 2022 تحت اشراف رئيسة الحكومة نجلاء بودن. وكانت مخرجاتها وفق البلاغ الرسمي: “وضع برامج وآليات عملية من شأنها خلق الثروة وانصهارها في الدورة الاقتصادية والاتفاق على روزنامة جلسات لمتابعة مكونات هذه البرامج ونشاط هذه الشركات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة “.
شارك رأيك