صدر عن دار سيراس لنشر كتاب “فقه الذات” للأستاذ محمد منصف الباروني الرئيس العالمي السابق للغرفة الفتية الاقتصادية العالمية لسنة 1986 : مذكرات حملها الكاتب تجربته الحياتية والمهنية والجمعياتية مقسما إياها إلى 3 أبواب وملحق صور النشأة والتربية في الباب الأول وفي الباب الثاني حياتي المهني ونشاطي المدني أما الباب الثالث فخصصه لمراحل انضمامي كما يقول إلى منظمة الغرفة الفتية الاقتصادية.
بقلم طارق العمراوي
كل هذه السنوات كان الكاتب تلميذا مثابرا مجتهدا حافظا لدروسه محافظا على دراسته ومستمعا حكيما لدروس معلميه الأوائل والأفاضل والذي حياهم محترما إتقانهم للتدريس والتعلم وعلاقتهم بأبنائهم التلامذة ومنهم المعلم الفاضل الهادي الأهيذب ومؤسسات التعلم كالمدرسة القرآنية بجندوبة والتي أسسها الزيتوني مصباح الإينوبلي والتي التحق بها سنة 1954 ثم مدرسة شارع الحبيب بورقيبة بجربة والتعليم الثانوي والجامعي ثم المرحلة المهنية لتتشكل شخصية الكاتب وقد زودتها التجارب والدروس بفرص هامة جعلتها شخصية محنكة مع استعدادات الكاتب النفسية والإرادية لإحداث الفرق والنقلة المرتقبة لشخصية قال عنها انها تطلب التجديد وترفض الرتابة محبة للمغامرة المحسوبة وصاحبة قرارات هامة صاحبت تجاربه المهنية والجمعياتية وكان وفيا لها.
منذ البداية ومع أولى الدروس و منها إيقاف والده ومحاكمته مع اليوسفيين وهو المناضل صلب الحركة الوطنية أيام الاستعمار الفرنسي عندما قال ص13و14: “هذه الصدمة القوية والعنيفة كانت درسا لي في تلك السن المبكرة مفاده ان لا مجال للعمل السياسي بالنسبة لي في المستقبل وان المواطنة تكون أكثر نجاحا وفاعلية خارج الإطار السياسي الحزبي الضيق والمنحاز بطبيعته”.
الانخراط في العمل الجمعياتي
الوفاء لهذا الخيار- المبدأ جعل المؤلف بعد ذلك ينخرط في العمل الجمعياتي ومن أهمها الغرفة الفتية الاقتصادية التي انطلق التعرف عليها والعمل ضمن فريقها من جندوبة وبعد 10 سنوات كان على رأس المنظمة عالميا وهي ورقة هامة للغرفويين للاقتداء بها ولا زال الرجل يقدم النصح والدفع المعنوي ووضع تجربته لكل أبناء المنظمة والقارئ للكتاب يعاين عن كثب وعبر المحطات التي خاضها مدى إيمان الرجل بالفعل الصادق والمثابرة والعمل الجدي ذاكرا العديد منها كدروس استفاد منها الأستاذ لتكون حافزا ودروسا لغيره.
كما يقدم محمد المنصف الباروني درسا آخر مهم معبرا عن المثل القائل من السهل الوصول للقمة لكن الصعب البقاء هناك فبعد الرئاسة العالمية واصل انتصاراته عبر تأسيس ورئاسة غرفة التجارة التونسية الأمريكية لمدة 17 عاما وترأس جمعية الصداقة التونسية الأمريكية وهو مثال الجمعياتي الذي لم تكن له نوايا استغلال هذه المنظمات غير الحكومية للوصول لمآربه السياسية.
كما استعمل الأستاذ الكاتب العديد من الأمثلة الهامة التي كانت بمثابة سراجا منيرا في مسيرته وكانت أمثالا شعبية متداولة أو كلمات خالدة لزعماء كبارا مع أهمية التربية الأسرية التي اعتبرها قوام الشخصية السوية مع التعليم إذ يقول صفحة ص 25و26: “إن أهم مؤثر على طبيعة الصبي أمران أساسيان وهما والداه والمدرسة ذلك أن سلوك الوالدين مع الطفل يحدد نوعية الشخصية التي يغرسانها فيه. فإما أن يكون شجاعا يتمتع بالثقة في النفس والاعتماد على الذات وبحب الوطن إما أن يكون شخصا متواكلا وعديم الجرأة وخجولا ومدللا وبالتالي تابعا لا قائدا”.
و قد طرح الكاتب إشكاليات أخرى كثيرة مبثوثة هنا وهناك تتطلب قراءة وتعمقا لمزيد الاستفادة من هذه المذكرات المذكرة بتفاصيل حياة حامل لواء التميز والتفوق ككاتب هذا الكتاب وستسافر معه لعديد البلدان التي زارها وتقاطعت معه مشاغله واهتماماته وبرامجه ولم يفته التذكير دائما بالأسرة الموسعة من الجد والوالدة ولرفيقة دربه زوجته المصانة التي تحملت عبء المسؤولية في أوقات مهمة في مسيرته باتجاه التميز والرقي.
شارك رأيك