صدرت هذه الأيام للكاتب والصحفي التونسي محمود حرشاني رواية جديدة من الحجم المتوسط تحمل عنوان “الطريق إلى الحرية” صدرت ضمن منشورات موقع الثقافية التونسية الذي يديره الكاتب نفسه.
يمكن للوهلة الأولى تصنيف هذه الرواية ضمن الروايات التاريخية التي تعود بالقارئ إلى أحداث عاشتها البلاد التونسية عندما كانت ترزح تحت الاستعمار الفرنسي وبدايات ظهور وعي جماعي لمقاومة هذا الاستعمار.
يمكن ان نقول ان الرواية تنطلق في رصد أحداث شكلت بدايات ظهور هذا الوعي الوطني من بداية سنة 1948 الى 1958 وهي عشرية تعد مفصلية في تاريخ تونس الحديث شهدت اندلاع الثورة الوطنية المسلحة في 18 جانفي 1952 وحصول البلاد على استقالاها الداخلي الذي كان منطلقا للخلاف بين الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وهو خلاف فصل لفائدة الزعيم بورقيبة بانعقاد مؤتمر صفاقس للحزب الدستوري في نوفمبر 1955 ويتلوه الاستقلال التام في 20 مارس 1956 وإلغاء النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري في 25 جويلية 1957 وبين هذه التواريخ هجرة الزعيم بن يوسف بعد ان كسب الزعيم بورقيبة الجولة وحادثة اغتيال بن يوسف ثم تداعيات الخلاف بين الزعيمين وانتشار حوادث الاغتيالات من هذا الشق او ذاك بعد ان أطلت الحرب الأهلية براسها وتتوقف الرواية عند جملة من هذه الأحداث وأهمها اغتيال الشيخ الحسين بوزيان في قفصة قي 26 مارس 1956 وهو المحسوب على الشق البورقيبي.
ان رواية محمود الحرشاني الجديدة نجحت في ان تقترب من فترة تاريخية مهمة جدا في تاريخ تونس.
نجزم أنه لم يقع تناولها في السابق في الأعمال الروائية حيث تلتقي المعلومة التاريخية الدقيقة مع الخيال الذي ينزل هذه المعلومة في سياقاتها الإنسانية. لقد استطاع الكاتب أن يوظف بذكاء المعلومة التاريخية التي لا تقبل الشك او المتفق عليها تاريخيا على الأقل في سياق عمل روائي إبداعي يحتمل التخييل من خلال تصاعد وتيرة الأحداث. وكان لافتا في الرواية حضور الصحافة في سياق رواية الأحداث من خلال حضور جرائد “الوزير” و”الصباح” إلى درجة يتماهى فيها الكاتب وهو الصحفي بالأساس مع ما تنشره جريدة “الوزير” من أخبار والتي يعتمدها السكان في معرفة أخبار البلاد.
تدور أحداث الرواية في مناطق عديدة من البلاد التونسية مثل قفصة وقمودة والقيروان ومناطق من الشمال الغربي وفي الرواية ايضا هناك توظيف جييد للأسطورة يتجلى ذلك من خلال أحجام سعدية عن تسريح ضفائها الا عندما تصل الأخبار عن الشخص الذي قتل والدها وكذلك نجد هذا الحضور للأسطورة في الرواية من خلال حضور شخصية قعمورة الذي يتم توظيفه في تتبع اخبار المناوئين والمنشقين.
أسامة حرشاني.
شارك رأيك