كيف يتحول خطأ مهني أو سقطة إعلامية من صحيفة ألكترونية مصرية إلى إساءة (مقصودة أو غير مقصودة) إلى الجهاز الأمني التونسي و ذلك من خلال الإساءة إلى أحد مؤسسيه ضباطه و كوادره التاريخيين.
بقلم سعيد الخزامي
عندما ينحرف الإعلام عن ضوابطه يسقط في القذارة، وينحدر إلى العبث، إن لم يكن إلى ألاعيب السياسة. وها أنّ مثالا سيئا يأتينا من مصر… صحيفة “العرب مباشر” الألكترونية تنشر خبر تمكن أجهزة الأمن في تونس من إلقاء القبض على الخوانجي سمير الحنّاشي، قبل أيام عندما كان يحاول الفرار عبر الحدود مع ليبيا.
سلطات الأمن وصفت الحنّاشي بأنّه أحد أخطر عناصر “الجهاز السرّي” لحركة النهضة، وقالت إنه عسكري متقاعد ينتمي إلى مجموعة “برّاكة الساحل” التي يُعرف أنها دبّرت في عام 1991 لاغتيال الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وإنه مِمّن خطّطوا لعملية مدينة سليمان الإرهابية في نهاية عام 2006. ونعلم أنّه سُجن لمدة ثلاث سنوات في 2008 بتهمة الإرهاب، ثمّ انتفع بالعفو التشريعي العام بعد 2011 وارتقى سريعا إلى مناصب عليا في الدولة زمن الترويكا بأن عَمل مع رئيس الحكومة حمّادي الجبالي ومِن بعد مع رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي، ورأيناه في الأخبار لاحقا عام 2018 يحضر اجتماعا رسميا لراشد الغنوشي مع سفير المملكة العربية السعودية في تونس…
صحيفة “العرب مباشر” الالكترونية المُعرّفة بنفسها على أنّها شديدة “الحرص على الحفاظ أولا وأخيرا على المصداقية والموضوعية وصحّة المعلومة” وبرئيسة تحريرها علياء عيد الواثقة من نفسها جداّ بشعارها “يوماً ستملأ كلماتي الدنيا ضجيجا” حشرت بدل صورة للإخواني الموقوف سمير الحنّاشي صورة أخرى هي للمقدم المتقاعد في الحرس الوطني سمير الحنّاشي الذي كان واحدا من مؤسسي الوحدة المختصة في مكافحة الإرهاب صلب الحرس الوطني والمصنفة ضمن أعتى الوحدات الأمنية الخاصّة في العالم…
هكذا ببساطة ومِن دون التثبت في المعطيات والتدقيق في المعلومات جلبت الصحيفة صورة مِن الإنترنيت لسمير الحنّاشي الحامل لزي الحرس الوطنى ودسّتها في الخبر على أنها للعسكري السابق النهضاوي سمير الحنّاشي.
هل في الأمر ضعف مهنية؟ أم استخفاف واستغباء؟ أم أنّه إساءة مقصودة لتونس ولجهازها الأمني يُراد بها تشويه الصورة، وربما ضرب المعنويات لحساب أجندات سياسية بعد حادثة جربة الإرهابية التي فعلها أمني؟
ما يقرّب إلى الذهن هذا الاحتمال الأخير هو أنّ تونسيا من محترفي التشهير على فايسبوك التقط الخبر، وزاد عليه، ليتناوله آخرون بإعادة النشر وبسخرية موجهة مباشرة للبلد وللحرس الوطني وضابطه المتقاعد سمير الحنّاشي. وهذه إساءات بالجملة يجب أن يتبناها القضاء، فلا تمُر.
صحفي سابق في الجزيرة.
شارك رأيك