التعاون والتشاور بين القضاء والإعلام هو الطريق الأسلم في معالجة الملفات القضائية الحساسة والخطيرة مثل قضية التآمر على الدولة التي يلاحق ضمنها قضائيا عدد من الشخصيات السياسية و القانونية و الإعلامية و التي تشغل الرأي العام الوطني في تونس.
بقلم الفاهم بوكدوس
أثار قرار قاضي التحقيق بمنع التناول الإعلامي لملفي التآمر على أمن الدولة ضجة كبرى ورفضا مجتمعيا واسعا، بما يعنيه من رفض للتعسف على الدستور التونسي الذي يرفض أي رقابة مسبقة على المضامين الصحفية.
مع العلم ان مثل هذا التعاطي ينتشر في البلدان التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية وقمعية ولا يمكن الاستئناس به، وحتى عندما تم الالتجاء إلى هذه المقاربة في مرات قليلة في تونس فإنها قوبلت بالرفض والتنديد.
لقد وضعت المجتمعات الديمقراطية مؤسستين للسعي إلى الحقيقة وهما مؤسسة القضاء ومؤسسة الصحافة بما يتطلب تعاونا وحوارا بينهما وليس تصادما وصراعا.
بناء على هذا المنطق كان على القضاء التونسي أن يتوجه إلى هيئات التعديل والتعديل الذاتي اذا اعتبر أن التغطيات الإعلامية لملفات التآمر يمكن أن تلحق أضرارا فادحة بالمسار القضائي ومعطيات الشخصيات المشمولة بالملف.
لقد أعطت الصحافة في تونس لنفسها آليات للتنظيم والتنظيم الذاتي على غرار الهايكا ومجلس الصحافة ولجنة أخلاقيات المهنة الصحفية بنقابة الصحفيين، وبدل أن يتصرف القضاء بهذه الطريقة بمنع وتجريم المعالجة الإعلامية لملفي التآمر كان عليه أن يطلق مبادرات مع هذه الهيئات للتشارك في وضع معايير مهنية لتغطية تحترم حق المواطنين في المعلومة وحق الصحفيين في التحقيق وحق الأطراف المتداخلة في تغطية متوازنة ومهنية تحترم حق المعلومة.
مع تواتر مثل هذه القضايا الخطيرة والحساسة وغير المسبوقة فإن حوارا بين القضاء وهيئات التعديل والتعديل الذاتي والهياكل المهنية أكثر من ضروري لحماية حقوق الجميع بعيدا عن التمترس في ذات المواقع .
صحفي.
شارك رأيك