تشهد بلادنا منذ مدة تنامي غير مسبوق لخطاب عنصري عبّر عنه بكثافة قيس سعيّد في تصريحات رسمية كانت إيذانا بتصاعد حملات اعتداء وإهانة شهدت ذروتها في شهر فيفري 2023 الماضي، وعادت من جديد في الأيام الأخيرة خاصة في جهة صفاقس التي تشهد تركّزا كبيرا للجاليات جنوب الصحراوية التي يتعرض جزء منها إلى أقسى ظروف الاستغلال في المنشآت الصناعية والزراعية وقطاعات العمل الهامشي فيما ينخرط الجزء الأكبر في موجات الهجرة غير النظامية.
وعلى خلفية جريمة قتل ذهب ضحيتها مواطن تونسي انطلقت حملة نظامية وموازية تمثلت في اعتداءات عنصرية عنيفة، فيما بدأت حركة تهجير جماعي قسري مسّت الضمير التونسي وذكّرت الرأي العام العالمي بأنظمة الميز العنصري في القرون والعقود السابقة.
إنّ نواب المؤتمر الوطني السادس لحزب العمال المنعقد أيام 7/8/9 جويلية 2023 بتونس العاصمة :
- يعتبرون أنّ موجة هجرة جنوب الصحراويّين إلى تونس ومنها إلى أوروبا إنما هي جزء من موجات الهجرة من بلدان الجنوب (افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية) التي أصبحت واحدة من أبرز الظواهر الاجتماعية لمنظومة العولمة الرأسمالية الاحتكارية ومن نتائج أزمتها المستمرة والمستعصية من جهة، وهي شاهد آخر على الحواجز المضروبة على حرية التنقل بالنسبة لـ”مواطني العالم” مقابل الحرية المطلقة لحركة الرساميل والبضائع وفق ما يقتضيه منطق الربح على حساب أبسط حقوق الشعوب والأفراد من جهة أخرى.
- يعتبرون أنّ المعالجة السليمة لوضعية الهجرة اللاّنظامية إلى تونس ومنها إلى أوروبا هي المعالجة الاجتماعية الضامنة لكرامة الإنسان وحقوقه، والرافضة لتحوّل بلدنا إلى حارس للحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي الذي تتّجه دوله إلى الضغط على النظام التونسي واستغلال تعقيدات أزمته الاقتصادية والمالية بغاية فرض معالجة تحمي مصالح الرّأسمال الأوروبي رغم مغالطة الخطاب الرّسمي. إنّ مشكل الهجرة من بلدان الجنوب إلى بلدان المركز الرأسمالي هي دليل قطعي على عمق تناقضات النظام الاقتصادي العالمي الذي تسيطر فيه دول الشمال وأباطرتها على مقدّرات وخيرات الجنوب الذي تعاني شعوبه وطبقاته الواسعة التفقير والحروب والبؤس وتعاني بناه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التخلف والهشاشة. إنّ الحلّ الجذري لهذه المعضلات هو في تحرّر بلدان الجنوب ومنها مجمل قارّتنا الافريقية من السيطرة والتبعيّة وتكريس السيادة الوطنية والشعبية.
- يُدينون بكل سخط الحملات العنصرية خطابا وممارسة والتي تورّطت فيها الأجهزة الرّسمية للدولة وعلى رأسها قيس سعيد، ويعتبرون اعتماد المليشيات لتنظيم حملات التمشيط والتهجير القسري والتشريد في الصحراء جريمة دولة لا تسقط بالتقادم، وهي جريمة تعاقب عليها القوانين المحلية والدولية التي صادقت عليها تونس، ويطالبون بالكفّ عن هذه الحملات واحترام كرامة البشر وحقوقه مهما كان وضعه القانوني.
- يدعون التونسيّين والتونسيّات في كل الجهات إلى عدم الانخراط في الحملات العنصرية التي تطال أشقّاءنا من بنات وأبناء قارّتنا والتي تلعب الأوضاع الصعبة لبلدانهم بفعل السيطرة الامبريالية على مقدّراتها وخيراتها التي فقّرت الشعوب ورمت بأبنائها وبناتها لتوسيع قاعدة ضحايا النظام الرأسمالي العالمي.
- وبصفة عاجلة فإنّ نواب المؤتمر يدعون الشعب التونسي وقواه التقدمية إلى التصدي لكل النوازع العنصرية ولعصابات الاتّجار بالبشر وتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، وبنفس القدر التصدي لأيّ اتفاق بين النظام والاتحاد الأوروبي لتحويل الدولة التونسية إلى حارس حدود والمتوسط إلى مقبرة لبنات افريقيا وأبنائها الفارّين من جحيم البطالة والبؤس.
عن المؤتمر الوطني السادس لحزب العمال
تونس في 9 جويلية 2023
شارك رأيك