تضمنت الخطة التنمية المستدامة الجديدة للأمم المتحدة اعترافا صريحا بالدور الهام الذي لعبته الرياضة في تحقيق التنمية والسلام في العالم خاصة بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات في بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي.
بقلم فرج بوسلامة
بعد 15 عاماً من العمل الدولي على التقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي ضبطها المجتمع الدولي تحت غطاء الأمم المتحدة سنة 2000، حوَّل العالم انطلاقا من سنة 2015 اهتمامه إلى أهداف التنمية المستدامة. وتم في هذا الاطار تحديد 17 هدف و 169 غاية و 231 مؤشر صيغت في ما يسمى بـ”خطة التنمية المستدامة لعام 2030″ وهي خطة تم اعتمادها بالإجماع من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة.
وتهدف الخطة الجديدة للأمم المتحدة إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وإلى تقديم خيارات وفرص جديدة لسدّد الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية. كما أنّها تشكّل إطارًا عامًا يوجّه العمل الإنمائي العالمي والوطني.
اعتراف اممي بأهمية الرياضة في تحقيق الأهداف الإنمائية
تضمنت الخطة التنمية المستدامة الجديدة للأمم المتحدة اعترافا صريحا بالدور الهام الذي لعبته الرياضة في تحقيق التنمية والسلام في العالم خاصة بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات في بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي. وتضمن القرار الأممي 70/1، المعنون ”تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030“، في فصله 37 اقرارا جماعيا على دور الرياضة باعتبارها “هي أيضاً من العناصر التمكينية المهمة للتنمية المستدامة. ونعترف بالمساهمة المتعاظمة التي تضطلع بها الرياضة في تحقيق التنمية والسلام بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات وفي بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي.”
الرابطة الدولية للرياضة وتحقيق اهداف التنمية المستدامة
تأسست الرابطة الدولية للرياضة في 29 ماي 2007 بالرباط عندما اعتمدت المملكة المغربية وجمهورية النيجر والجمهورية الدومينيكية إعلان الرباط (E/2007/NGO/1) المعروف باسم النص المؤسس للرابطة.
أنشئت الرابطة العالمية للرياضة بدعم من جلالة الملك محمد السادس، ومن وكالات الأمم المتحدة – فرع المنظمات غير الحكومية، والشبكة الدولية للمنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة – للمجتمع المدني الدولي. تم تسجيل الرابطة لدى الأمم المتحدة، ثم إدراجها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي من قبل المملكة المغربية في جويلية 2007.
تتمثل مهمة الرابطة العالمية للرياضة في تربية الشباب وتكوين الإطارات التربوية والشبابية على الأهداف الأممية للتنمية المستدامة من خلال الرياضة. وهي تكرس مقاربة تربوية اجتماعية اقتصادية، حيث تعمل من خلال برامجها على توظيف الرياضة لخدمة الأهداف المستدامة كالتربية الصحية والنفسية والاجتماعية من خلال الرياضة ومقاومة الفقر ودعم التشغيل والتشغيلية والتكوين في كفاءات ريادة الأعمال من خلال الرياضة. كما تشمل برامج المنظمة محتويات ومناهج التربية البيئية من خلال الرياضة.
تشمل الرابطة العالمية للرياضة اليوم 34 بلدا عضوا معظمها من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية. سجلت الجمهورية التونسية انضمامها للمنظمة البين حكومية سنة 2012 وتقدمت المنظمة في هذا الإطار بالعديد من المبادرات الهامة في أهدافها وقيمتها التمويلية إلا أن الأوضاع السياسية في البلاد حالت دون أن يتقدم الجانب التونسي في تفعيل البرامج المقترحة.
الدبلوماسية الرياضية نوع جديد من آليات للتعاون الدولي
يفتح النشاط المؤسساتي للرابطة العالمية للرياضة فضاءا جديدا للدبلوماسية الرياضة يسمح بتطوير شبكة العلاقات الدولية بين وزراء الشباب والرياضة للبلدان الأعضاء وبين المؤسسات الاقتصادية والمنظمات المانحة والمستثمرين في كافة المجالات الاقتصادية وهو محور جديد للنشاط الدبلوماسي في العالم يعمل على توظيف البعد الكوني للرياضة وأهدافها النبيلة في تعزيز العلاقات بين الدول والأمم ويفتح مجالا لتعزيز للتعاون والشراكة في تمويل السياسات الشبابية والرياضة والاجتماعية الوطنية والدولية.
من جهة أخرى تمثل الرابطة العالمية للرياضة فضاءا مؤسساتيا دوليا مفتوحا للمؤسسات الاقتصادية التونسية التي تطمح إلى دخول الأسواق الافريقية واللاتينية والتعريف بعلاماتها التجارية وتطوير أنشطتها التجارية او الصناعية او الخدماتية في البلدان الأعضاء من خلال تبني مشاريع انشاء المراكز الوطنية للتألق والمخابر التربوية بها لتحصل الفائدة بهته الطريقة للجانبين على حد السواء فتنتفع الدول بتعزيز البنية التحتية الرياضية والتربوية بها وبالبرامج التربوية لفائدة شبابها وتنتفع المؤسسات الاقتصادية من خلال تبنيها لهته المشاريع بتواجد قانوني مؤطر وشفاف لتطوير أنشطتها الاقتصادية.
الرياضة حل لفك التضيقات على الشركات التي لا تحترم الاتزامات الاجتماعية والبيئية
بالنظر الى تفاقم الاضطرابات الاجتماعية والمناخية التي يعرفها العالم من جهة وتنامي الوعي البيئي والإنساني لدى المستهلك الواعي من جهة أخرى فرضت العديد من الدول الاوربية شرط اثبات الشركات التي ترغب في دخول أسواقها لالتزاماتها الاجتماعية والبيئية. ولجأت العديد من الشركات العالمية الكبرى في هذا السياق الى الاعتماد على الرياضة في تنفيذ برامجها الاجتماعية والبيئية وهي ديناميكية جد إيجابية باعتبار انها تجمع بين الاحتياجات التمويلية للسياسات الرياضية والشبابية والتي تعجز معظم الدول الفقيرة على توفيرها وبين حاجة المؤسسات الاقتصادية الكبرى الى الانخراط في برامج ذات بعد تربوي واجتماعي وبيئي انساني. وتمنح الفضائات المؤسساتية الدولية والاممية مثل الرابطة العالمية للرياضة فرصة للمشرفين على قطاعات الرياضة والشباب في البلدان الأعضاء ولأصحاب الاعمال والمؤسسات الاقتصادية الخاصة بها لاقامة برامج تعاون وشراكة من اجل تحقيق اهداف التنمية المستدامة من جهة وتفيعل الالتزامات الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى.
استئناف التعاون بين وزارة الشباب والرياضة والرابطة العالمية للرياضة
استقبل وزير الشباب والرياضة السيد كمال دقيش يوم الإثنين 3 جويلية 2023 ممثل الرابطة الدولية للرياضة بتونس Organisation intergouvernementale Alliance mondiale des sports السيد فرج بو سلامة، وكان اللقاء مناسبة ليسلم ممثل الرابطة الدولية للرياضة دعوة من رئاسة المنظمة إلى السيد وزير الشباب والرياضة للمشاركة في فعاليات الجلسة العامة الأولى للمنظمة التي ستلتئم أيام 28 و29 أكتوبر 2023 بدبي والتي سيكون ضمن جدول أعمالها التداول حول ميثاق المنظمة والتصويت على بنوده وتأسيس مجلس وزراء الشباب والرياضة بالبلدان الأعضاء بالمنظمة وانتخاب رئاسة المجلس للمدة النيابية الأولى وتعيين الكتابة العامة ومكان المقر الدولي للمنظمة. كما ستتم خلال الجلسة العامة مناقشة الخطة الاستراتيجية 2024-2030 للمنظمة.
هذا كما سيتم على هامش انعقاد الجلسة العامة الأولى تنظيم المؤتمر الدولي للابتكار والذي يعمل على التجديد والابتكار في سبل وآليات تمويل البرامج الإنسانية الدولية المتعلقة بالأهداف الأممية للتنمية المستدامة.
ويتمثل هذا المؤتمر في برمجة وعقد لقاءات رسمية متعددة الأطراف ولقاءات ثنائية بين وزراء الشباب والرياضة للدول الأعضاء وممثلين عن المنظمات الأممية من جهة وأصحاب مؤسسات اقتصادية داعمة للمنظمة من جهة أخرى. وتهدف هذه اللقاءات إلى جمع كل من الوزراء وممثلي الدول بأصحاب المؤسسات الاقتصادية العالمية الكبرى التي تدعم الرياضة والشباب والتربية على الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، في إطار مسؤولياتها الاجتماعية والبيئية او التي تعتمد على الرياضة في سياساتها الاشهارية او التسويقية. كما سيكون من بين المشاركين في هذه اللقاءات المانحون والممولون الدوليون لبرامج إنسانية دولية.
هذا كما سلّم ممثل الرابطة العالمية للرياضة أثناء لقائه بوزير الشباب والرياضة وثيقة الاتفاقية الإطارية للأمم المعتمدة من قبل المنظمة والتي سيتم بمفعول إمضائها من قبل وزير الشباب والرياضة إدراج الجمهورية التونسية ضمن برنامج تمويل لبعث مركز وطني للتألق الشبابي والرياضي وثلاث مخابر “تربية رياضة وصحة” في كل دولة عضو بالمنظمة. وتعمل هذه المؤسسات تحت اطار اممي على تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وتشمل برنامج التمويل كلفة البناء والتشييد وكلفة الصيانة والتسيير. كما تعتمد هذه الفضاءات التربوية والتكوينية والتنشيط للشباب برامج بيداغوجية دولة تمت صياغتها خصيصا لتحدد نوعية الأنشطة الرياضية ومحتوياتها ذات الصلة المباشرة بالـ سبعة عشر هدف من اهداف التنمية المستدامة.
ثمّن السيد كمال قديش وزير الشباب والرياضة خلال لقائه بالسيد فرج بوسلامة ممثل الرابطة العالمية للرياضة ، المقاربة التنموية، التربوية، الاجتماعية، الاقتصادية والبيئية التي تعتمدها المنظمة البين حكومية الرابطة العالمية للرياضة وأكد على أهمية التجديد والابتكار في مجال تمويل السياسات الشبابية والرياضية في جميع دول العالم وذكر بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها الوزارة من أجل إيجاد حلول لتمويل برامجها الوطنية في مجالي الشباب والرياضة. وشدد السيد الوزير على أهمية وضوح وشفافية أطر الشراكة والتعاون وعبر عن موافقته المبدئية على تطوير التعاون بين وزارة الشباب والرياضة والرابطة العالمية للرياضة وكلف الإدارات المختصة المعنية بدراسة الملف من جوانبه القانونية والدبلوماسية بالتشاور مع الأطراف الحكومية المعنية التي سيتم على ضوئها مد المنظمة بالرد الرسمي على الدعوة وعلى الاتفاقية الإطارية للأمم.
يفتح إبرام وزارة الشباب والرياضة لاتفاقية الشراكة مع الرابطة العالمية للرياضة آفاقا عريضة لتعزيز البنية التحتية الرياضية والتربوية والتشغيلية في تونس سيما في إطار الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادنا كما سيمكّن انخراط تونس في برامج المنظمة من تطوير برامج تربوية وتكوينية جديدة مفتوحة للجمهور الشبابي العريض بغض النظر عن كفاءاتهم الرياضية إذ لا تهدف برامج المنظمة إلى تطوير النتائج الرياضة بل إلى تربية الشباب على أهداف وشروط التنمية المستدامة من خلال الرياضة كما ستساهم بصفة مباشرة في نشر ثقافة الممارسة الرياضية لدى العموم والتي تبقى نسبتها ضعيفة جدا في بلادنا.
ممثل الرابطة العالمية للرياضة بتونس.
شارك رأيك