صدمني خبر رحيل الصديق الشاعر كمال حمدي بعد صراع مرير مع المرض.
كمال الشاعر والكاتب الصحفي الذي عاش مكتفيا بنفسه، تحت سقف الصمت الثقيل طيلة حياته، دون أن يطالب بحقه المنزوع من عمره، ظلما، في سجون ما قبل الثورة.
عاش حرا وقليل الحيلة، دون أن يتنازل عن كرامته التي تشبث بها إلى آخر رمق في حياته.
ليس من السهل أن يقضي شاعر عشر سنوات في السجن من أجل أفکاره القومية وحلمه بالوحدة العربية.
انتزعت منه سنوات السجن عنفوان الجسد، وجفّفت روحه.
عاش مع عائلته غنيا بذاته، مسالما، متعفّفا، بعد أن تجاوزته قوافل العدالة الانتقالية، دون أن يعير اهتماما للزمن السياسي البائس والتوقيت الثقافي الزائف.
عاش في صمت، ومات في صمت، حتى أننا جميعنا غفلنا عنه.
حافظ دائما على نفس الصورة في صفحته الشخصية على الفايسبوك، حتى أنه يظهر أمامي باستمرار كما هو، يافعا، أخضر مثل الينابيع.
ألفته ثابتا في الزمن والعمر والبهجة.
أمس، بعد سماع خبر رحيله، زرت صفحته الشخصية، فصدمني وجهه الجديد، صدمتني ملامحه، نظرته الشاردة، أفزعتني وروده الذابلة.
رأيت في قلبه كمال الذي أعرفه، الثابت، المتعفف، المكتفي بذاته ونصيبه من الدنيا.
وداعا يا صديقي القديم.
وداعا يا صديقي الكريم.
كلماتنا الخاصة بيننا، بذات الوهج والألفة والدفء.
أكتب لك الآن دون أن تعرف، دون أن تقرأ.
أعزي فيك نفسي المنذورة للشتات.
أعزي عائلتك الكريمة.
إلى اللقاء يا كمال.
شارك رأيك