تؤكد الأيام و السنوات أن محاولة تسلّق جدار إرث الحبيب بورقيبة يبقى عصيّا على بعض أشباه المثقفين الذين يتطاولون على محرر تونس من الإستعمار و مؤسس الدولة التونسية الحديثة يعانون من الهوس و فقدان الذاكرة.
بقلم أحمد الحباسي
في مقال مثير بعنوان “بورقيبة، الزمن الجميل و البطون الخاوية” منشور على موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس لم يتورع كاتب المقال المدعو محمد التركي أن يحـرّف التاريخ و الوقائع و الواقع و ما استقرت عليه أغلب الطبقات الشعبية التونسية و ما أقره كل المنصفين فئ العالم حين زعم نفاقا و بهتانا أن الفضل في نشر التعليم يرجع إلى المرحوم محمود المسعدي و أن ما عاشته تونس من رقى اقتصادي في السبعينات و الثمانينات الفضل فيه للمرحوم الهادي نويرة. هكذا بكل وقاحة و صلف.
هكذا لم يجد هذا “الكاتب” في نهاية الأمر و بعد إن استهلك كل من سبقوه كل الأراجيف و الترّهات من سبيل للمس من تاريخ بورقيبة و نضاله وفى طليعتهم طبعا “صديقة” بول بريمر الحاكم العسكري للعراق مدام سهام بن سدرين و هذا الملقب بالطرطور الأجير عند النظام القطري محمد المنصف المرزوقي و طبعا شيخ الكذابين كما وصفه المناضل الشهيد شكري بلعيد المدعو راشد الغنوشي الا تحريف التاريخ “عيني عينك” و بدون ذرّة من حمرة الخجل.
إعطاء قيصر ما لقيصر
لا تتعجب عزيزي المتابع و لا تفاجأ إطلاقا فكل إناء بما فيه يرشح و من شاب على شيء شاب عليه بل لنقرّ على الأقل أن ما تلفظ به هذا النكرة صحيح في جزء منه لأن الأمانة تدعونا لإعطاء قيصر ما لقيصر و لذلك لن نقصّر في الاعتراف بفضل هذين الرجلين (محمود المسعدي و الهادي نويرة) و لا بمجهودهما و لا بنجاحاتهما كغيرهما من بناة الجمهورية و لكن من كان صاحب القرار و الإرادة السياسية و من عيّن الرجلين للقيام بهذه المسؤولية و من كان يسطر السياسة العامة في البلاد في كل المجالات و من أمر السيد الهادي نويرة بإحداث العملة التونسية و من أمضى الرائد الرسمي المتعلق بما يعرف بالقانون عدد 72 الذى شكل نواة النجاح الاقتصادي في تلك الفترة و من ذهب لأمريكا لمقابلة الرئيس جون كيندي للمطالبة بعون اقتصادي يتمثل في بعض المواد التموينية الضرورية لتمكين التلاميذ المنتمين للعائلات المعوزة من لمجة بسيطة تسدّ الرمق في تلك الظروف الصعبة التي تميّزت بها الأيام و السنوات الأولى لاستقلال البلاد.
من سوء الأمانة الإعلامية تحديدا أن يعمد هذا الكاتب إلى تحريف صارخ و غير بريء و متعمد للوقائع التاريخية و لعل أقل ما يمكن الرد به لدحض هذه الأراجيف البليدة أن النظام التونسي هو نظام رئاسي و الوزيران المذكوران لا يعملان و يتصرفان خارج الإطار الحكومي الذي يسطره رئيس الدولة و رغم مكانتهما التي لا ينكرها أحد فهما في نهاية الأمر وزيران في حكومة يقودها رئيس الدولة بنفسه و نشر التعليم أو السماح بصدور القانون عدد 72 أو كل ما يهمّ السياسة النقدية هم من اختصاصات الإرادة الرئاسية دون غيرها و الوزيران مكلفان بتنفيذها و السهر التام على نجاحها لا أكثر و لا أقل.
من سوء الأمانة أيضا أن لا يسلط هذا “الكاتب” تحريفه للوقائع ليزعم أن بورقيبة ليس وراء صدور مجلة الأحوال الشخصية و لم يكن وراء قرار حل الأحباس و قرار الإصلاح الزراعي و فرض التعليم و تعميم الصحة و قانون تحديد النسل و غيرها من القرارات الثورية التاريخية.
محاولة تسلّق جدار الإرث البورقيبي
إن التاريخ لا ينكر أن دستور بورقيبة قد كرّس مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة فى مجتمع ذكوري بامتياز كما لا يمكنه أن ينكر أن بورقيبة هو من أسس الأمة التونسية و جاءت مقالات مثل هذا “الكاتب” لتدمرها.
ربما تزامنت هذه الأراجيف التي ألقى بها هذا الكاتب في إحدى المواقع الالكترونية مع محتوى مقابلة السيد الرئيس مع السيدة مديرة التلفزيون عواطف الدالى حين لم يتذكر من إنجازات الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إلا أحداث “ثورة الخبز”
في نهاية الأمر تؤكد الأيام و السنوات أن محاولة تسلّق جدار الإرث البورقيبي يبقى عصيّا على بعض أشباه المثقفين الذين يعانون من الهوس و فقدان الذاكرة.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك