بيان جبهة المساواة وحقوق النساء 13 اوت 2023
تحيي تونس اليوم الذكرى 67 لصدور مجلة الأحوال الشخصية، وهي أحد أهمّ المكاسب التي ناضلت من أجلها منذ بداية القرن العشرين أجيال من النخب التنويرية و النسويات والمدافعات والمدافعين عن حقوق النساء.
يأتي عيد المرأة التونسية ككل سنة ملونا بدماء النساء من تم تقتيلهن بأساليب مختلفة وببشاعة تتفاقم يوما بعد يوم ومن فقدن حيواتهن بسبب شاحنات الموت على مرأى ومسمع مؤسسات الدولة، وسط تطبيع عميق ومعلن مع العنف المبني على النوع الاجتماعي والذي يتغذى من نظام بطريركي وهيمنة ذكورية وخطاب رجعي وتقليدي بالإضافة الى منظومة قانونية لا تستجيب الى حاجيات النساء اليوم.
نساء يعشن في جهنم العنف ارقام مفزعة :
ارتفع عدد جريمة تقتيل النساء بمعدل يزيد عن حالة قتل شهريا حيث بلغ عدد الحلات 15 جريمة سنة 2022 و تزايدت منذ بداية 2023 فبلغ العدد 19 ويقابل هذه الجرائم غياب إرادة فعلية في تطبيق القانون و بالتالي تعزيز الإفلات من العقاب .
تبين العديد من الاحصائيات والدراسات بالإضافة الى العمل اليومي للجمعيات ان اكثر من نصف نساء تونس هن ضحايا عنف بنسبة 53 بالمئة وتبين الدراسة الوطنية حول العنف المسلط على النساء في الفضاء العام ان ثلثي 2/3 نساء تونس تعرضن ولو لمرة واحدة لشكل من أشكال العنف سواء ان كان لفظي ، نفسي ، جسدي و جنسي، تصاعدت نسبة العنف المسلط ضد المرأة بجميع أنواعه حيث أن الأرقام التي نشرتها مؤخرا وزارة الأسرة والمرأة والطفل وكبار السن تُعدُّ مفزعة حيث بلغت عدد الاشعارات حول العنف المسلط ضد المرأة في شهر جويلية فقط، 216 إشعارا.
اما بالنسبة للعنف الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه نساء تونس يترجم بالأساس في التهميش والاقصاء والهشاشة التي تعيشها حيث بلغت نسبة بطالة النساء 23.8% ، أما بالنسبة لوضعية صاحبات الشهادات الجامعية فهي اكثر تأزما حيث أن أكثر من 4/10 أي بمعدل 40.7% عاطلات عن العمل مقابل 17.6% من الرجال مما يدفعنه للعمل الهش والغير مهيكل ومما أدى الى ظاهرة ما يسمى بتأنيث البطالة.
أما بالنسبة للأوساط الريفية فإن التمييز ضد النساء يترجم بكل أشكاله، حيث تمثل النساء 76% من القوة العاملة الزراعية (المعدل العالمي يمثل 50%) وكثيرا ما يتقاضين نصف أجر الرجل، بالإضافة الى أعباء العمل غير المأجور (الاعانة العائلية والمنزلية) الذي يتجاوز العمل الإجمالي نسبة ال 40% من ساعات العمل التي تصل إلى معدل 16 ساعة في اليوم مقارنة بالرجال ، تصنف تونس في مراتب الدول الأخيرة حسب التقرير العالمي للمساواة بين الجنسين في تحقيق المساواة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، فهي تحتل المرتبة 126 على 156 دولة بالنسبة لكيفية توزيع الموارد وتكافئ الفرص بين النساء والرجال ، كما صُنّفتْ في المرتبة 144 فيما يتعلّقُ بالمشاركة والفرص الاقتصادية.
كما طال العنف السياسي والمؤسساتي ناشطات الحركة النسوية والشبابية والمجتمع المدني والسياسي بالإضافة الى الصحفيات اللاتي تعرضن الى التشويه والسحل الالكتروني بالإضافة الى انتهاك جملة من حقوقهن مثل الحق في التقاضي العادل والحق في التنقل والسفر. يجدر بنا الإشارة الى الفئات الهشة من النساء اللواتي تتعرض الى عدة اشكال تمييز وعنف متقاطعة ومضاعفة، فأمام تنامي مظاهر التّمييز العنصري مؤخرا، تم استهداف المهاجرات المنحدرات من جنوب الصحراء بعد ترحيلهن القصري دون الاخذ بيعن الاعتبار خصوصيتهن كنساء. وتنسحب وضعية التمييز والاضطهاد على أصناف أخرى من النساء منهن ذوات الإعاقة و السجينات ، حيث تخضعن علاوة على الوصم الاجتماعي الى تخلي الدولة على مسؤوليتها في تأمين حقوقهن في التأهيل والادماج الاجتماعية وتوفير الحماية والاحاطة بهن كصاحبات حق وليس كحالات اجتماعية.
منظومة قانونية مهترئة ولا تستجيب لتطلعات النساء ولحماية حقوقهن:
على الرغم من أهميتها في ضمان جملة من الحقوق الا أن مجلة الأحوال الشخصية اليوم لم تعد في مستوى انتظارات الحركة النسوية في تونس ولا تتلائم مع تطور واقع النساء وخروجهن للعمل ومساهمتهن في بناء المجتمع وتطوره، فقد كرست مع الوقت نموذج العائلة الابوية و عدم المساواة و التمييز، بالمحافظة على مؤسسة المهر و على رئاسة العائلة للزوج وانفراد الأب بالولاية على الأطفال إضافة الى عدم المساواة في الميراث الذي أدى الى تكريس تأنيث الفقر في تونس وعدم تمكين النساء من الثروة وبالتالي تكريس الهوة بين الجنسين وتعزيز الهيمنة التي تغذي تفشي العنف بمختل أشكاله و زيادة تفشي العنف على النساء والأطفال. أما بالنسبة لمجلة الشغل والمجلة الجزائية ومجلة الجنسية ومجموعة القوانين الوطنية لا تزال مستمدة مرجعياتها من منظومة معيارية اجتماعية وثقافية بطريركية ولا تتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الانسان وحقوق النساء بشكل خاص وبالتالي تترجم هذه المنظومة التشريعية محدوديتها في تعزيز المساواة بين المواطنات والمواطنين المنصوص عليها في الدستور بالإضافة الى محدوديتها في حماية حقوق النساء والاخذ بعين الاعتبار خصوصيتهن.
مراجعة قانونية تقصي النساء من الحياة السياسية:
مراجعة القانون الانتخابي وإلغاء مبدأ التناصف هو احدى مظاهر انتهاك حقوق النساء في الولوج الى مناصب سياسية وفي نفاذها الى مواقع اخذ القرار، ذلك ان نظام الاقتراع على الأفراد لم يأخذ بعين الاعتبار البيئة الاجتماعية التي تقصي النساء وتخلى عن دور الدولة ومؤسساتها في تعزيز تشريك النساء في الحياة العامة.
قوانين غير مطبقة : وان وجدت قوانين هامة مثل قانون عدد 58 ضد العنف المسلط على النساء من أهم القوانين التي ناضلت من أجلها الحركة النسوية في تونس وهو أهم مكسب من مكاسب ثورة 14 جانفي 2011 الا أنها غير مفعلة على ارض الواقع ، فرغم المجهودات المبذولة في اعمال الحقوق وحماية النساء بمقتضى هذا القانون الى ان هناك العديد من الصعوبات التي تحول دون ذلك خاصة منها المتعلقة بالحق في العدالة ، الإحاطة وحماية النساء وباب الوقاية مما يشكل خطرا وتهديدا لحياة النساء.
تواصل جبهة المساوة وحقوق النساء بمختلف مكوناتها ومناضلاتها المعركة من أجل الدفاع عن حقوق النساء و افتكاك حقهن في الحياة و حقهن في سلامتهن الجسدية والنفسية أينما كن، في مكان عام أو خاص، وحقهن في التعبير وفي النشاط النسوي والحقوقي والسياسي وحقهن في الاجر الكامل والميراث المتساوي وفي النقل الآمن و التغطية الصحية، وحقهن في العمل اللائق وفي فضاء عمل أمن دون عنف وتحرش جنسي. لذلك و في خضم كل هذا الواقع الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي المرير للنساء خاصة و أمام هذه التّحديات المتّسمة بضرب حقوقهن والضّبابية السياسية وغياب الأفق ، فان جبهة المساوة و حقوق النساء تحمل الدولة مسؤوليتها في تامين حقوق النساء و تطالب ب :
- مراجعة وملائمة منظومة التشريع الوطني بمختلف مجلاتها مع المعايير الدولية بما يضمن
المساواة والقضاء على كل أشكال التمييز وأولها تعديل مجلة الأحوال الشخصية لتتلاءم مع المواثيق الدّولية المصادق عنها وفي مقدمتها الاتفاقية الدّولية للقضاء على التمييز ضد المرأة، وذلك عبر إلغاء المهر وجعل رئاسة العائلة مشتركة للزوجين وإلغاء التمييز على أساس الدين في النسب واللقب والحضانة والولاية والإرث،
-مراجعة التشريعيات الوطنية المتعلّقة بحماية الأمومة بما يضمن المساواة بين العاملات في القطاع الخاصّ مع نظيراتها في الوظيفة العمومية والقطاع العام والمصادقة على اتّفاقية العمل الدولية عدد 183 الخاصّة بحماية الأمومة
-التعجيل بتفعيل التدابير اللاّزمة لتتطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017
- تفعيل بروتوكول أكتوبر 2016 المتعلق بنقل العاملات في المجال الفلاحي،
-وضع نصوص ترتيبية المتعلقة بقانون الاقتصاد التضامني والاجتماعي عدد 30 لسنة 2020
، و قانون 3 جويلية 31 المتعلق بتنظيم العمل المنزلي - مراجعة منظومة التغطية الاجتماعية بما يحمي النساء من الهشاشة الاقتصادية ويضمن كرامتهن
- احترام مقتضيات قواعد مانديلا وقواعد بانكوك المتعلقة بمعاملة النساء الموقوفات والسجينات وخاصة منهن المحكومات بالإعدام -المصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل
- تخصيص الميزانيات الواضحة والكافية للتعهد العمومي بالنساء ضحايا العنف ومرافقتهن
الشاملة ومتعددة القطاعات. - اعداد الميزانيات بناء على مقاربة حقوقية ونوعية تعزز المساواة وتقضي على كل أشكال
التمييز بين الفئات وبين الجهات - وضع استراتيجية للتصدي للفقر وتهميش النساء والجهات ووضع منوال تنمية ضامن للعدالة
الاجتماعية والكرامة ومنتج للثروة ودامج للنساء المعطلات
-إقرار وتفعيل مبدا التناصف الأفقي والعمودي في القانون الانتخابي وتيسير سبل نفاذ النساء الى
مواقع القرار داخل الهيئات والمجالس المنتخبة وغير المنتخبة في الداخل و الخارج. - الجمعيات الممضية :
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات،
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
جمعية مجموعة توحيدة بالشيخ
جمعية رؤية حرة
النقابة الوطنية للصحفيين التونسين
الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الانسان
جمعية أصوات نساء
الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب،
ائتلاف التونسي ضد عقوبة الإعدام
جمعية متطوعون
جمعية انتصار المرأة الريفية
جمعية نساء من اجل المواطنة والتنمية
جمعية الدفاع عن الحريات الفردية
جمعية تيقار
جمعية أم الزين
جمعية الكرامة
جمعية النساء أولا
شارك رأيك