دعوني أقول كلمة حق، واضحة، قوية، موضوعية و لكنها مدوية : الرئيس قيس سعيد لم ينجح في قيادة دولة و بلد يعيش إرهاصات و ارتدادات ثورة فاشلة مضطربة ملتبسة و لم ينجح في فهم مطالب شباب ولدوا غرباء أو وقع تغريبهم أو حشو أفكارهم بعفن لغة تكفيرية قذرة. و لم ينجح أيضا في حشد الدعم الحارجي المطلوب لمساعدة البلاد على الخروج من أزمتها الخانقة.
بقلم أحمد الحباسي
قولوا ما تشاؤون، قولوا أنى موتور أو يملأ الحقد قلبي و لكن سأتكلم رغم كل الانتقادات، لأن الحقيقة يجب أن تقال صريحة لا مواربة فيها، أقولها و أجرى على الله، هذا الرئيس لم يصلح شيئا و كل عاقل في هذا البلد أصبح يعي هذا الأمر جيدا كما يعي أن انتخاب الرئيس بتلك النسبة قد تداخلت فيه عوامل كثيرة و أنه كما حصل الانقلاب على الرئيس الراحل زين العابدين بن على بتلك الكيفية الغامضة التي لا تزال كثير من أسرارها مكبوتة و خافية فان صعود السيد الرئيس قيس سعيد الشخصية المغمورة الفاقدة لأي لون سياسي و لأية مواقف نضالية مجتمعية صريحة قد كان مفاجأة و سرا من الأسرار الكثيرة و المثيرة للاشتباه.
دعوني أقول كلمة حق، واضحة، قوية، موضوعية و لكنها مدوية : هذا الرئيس لم ينجح في قيادة دولة و بلد يعيش إرهاصات و ارتدادات ثورة فاشلة مضطربة ملتبسة و لم ينجح في فهم مطالب شباب ولدوا غرباء أو وقع تغريبهم أو حشو أفكارهم بعفن لغة تكفيرية قذرة.
سعيد و العلاقة الملتبسة بالإسلاميين
سيرة السيد الرئيس الشخصية ملتبسة وغامضة و مثيرة للاشتباه و الاستغراب، فالرجل الذي يعتقد الكثيرون أنه عدو للإخوان و للفكر التكفيري و لما أتوه من جرائم و فظاعات طيلة عشرية كامل من الحكم لم نره يوما و طيلة حكمهم منتقدا لهم و لا مدافعا عن مدنية الدولة و لا عن مناهضة الإرهاب و لا مطالبا بحقيقة من أوقدوا نار الإرهاب أو من ارتكبوا جريمة دولة باغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمى كما أننا لا نعلم للرجل موقفا ناجزا أو صريحا لمعرفة حقيقة الجهاز السري لحركة النهضة رغم كل الدلائل و الشواهد بم فيها تصريحات إقرار من قيادات النهضة أنفسهم و على رأسهم المرحوم المنصف بن سالم في كتابه “سنوات الجمر” أو لمعرفة حقيقة ملف تسفير الإرهابيين إلى سوريا أو لما يقال عن شبهات تمويل إرهاب أو تنصت داخل مقر جماعة علماء المسلمين الستار الذي يتخفّى وراءه بعض عمائم الشرّ أو يتم استغلاله لتمرير الأموال المشبوهة.
لاحظوا معي أن هذه الملفات تتعلق بأمن الدولة و لكن السيد الرئيس لا يضعها في أولوياته و لا في أجندته.
ربما هناك سؤال كبير يطرح و يبقى بلا جواب، لماذا يرفض الرئيس التشاور و الحوار و يقف حجر عثرة أمام أية محاولة للقوى الحية في البلاد للم الشمل و البحث عن إيجاد مخارج لكم المشاكل و العقبات التي تحول دون النهوض باقتصاد متهاوي و بشباب دفع حياته فرارا من الإحباط و ميوعة القرارات الرئاسية الفارغة المحتوى؟
مع الوقت تبيّن أن السيد الرئيس لا حاجة له لا بالحوار و لا بالتشاور و لا لمن يكون ندّا أو يسعى لذلك أو تكون له طموحات سياسية و إن كانت مشروعة كما يمقت السيد الرئيس كل من ينادى بالشفافية في تسيير شؤون البلاد و كل لسان معارض لسياسته و بالذات رؤيته الهلامية التي باتت محل سخرية كل الأقلام و الآراء و التحاليل الجادة.
بطبيعة الحال و بتسلسل الوقائع من حيث الزمن أو المصدر يمكن فهم أو تفهم ما حصل منذ ما قبل و ما بعد 25 جويلية 2021 و يمكن فهم لماذا خرج الرئيسعلينا بالمرسوم عدد 54 لسنة 2022 الزاجر لحرية التعبير كما نفهم تلك اللغة العنيفة التي وجهها إلى مديرة التلفزيون و التي وصف فيها زمن الزعيم الحبيب بورقيبة بالزمن القبيح.
الهوة بين هواجس الرئيس و مشاكل الوطن
سؤال آخر : لماذا لا يسافر السيد الرئيس كثيرا للخارج كما يفعل الرئيس عبد الفتاح السيسي أو الرئيس عبد المجيد تبّون و غيرهما من الرؤساء و الحال أن تنويع الزيارات و شمولها لبلدان غربية و آسيوية و إفريقية معينة كفيل بجلب الاستثمارات و تحريك دواليب الاقتصاد و بث الأمل في نفوس الناس؟
الجواب بسيط : لأن السيد الرئيس لا يملك الجرأة و الكاريزما و قوة الإقناع الكافية بل لا يملك برنامجا و لا يرى الحل في مثل هذه الزيارات الثنائية و لذلك يكتفي “بنشاط” وزير الخارجية السيد نبيل عمار أو مطالبته للسفراء بالتحرك بدلا عنه فضلا فضلا عما تتحدث عنه أوساط أمنية مطلعة عن وجود محاولات لاغتياله و يكفى التثبت من “الكثافة” الأمنية التي أصبحت تصاحب بعض تنقلاته المحسوبة للتحقق من وجود هذه الهواجس.
سؤال آخر : هل نجح السيد الرئيس في “انتداب” السيد رئيس الحكومة الجديد؟ لماذا يصر السيد الرئيس مرة أخرى على تسمية الشخصيات المجهولة أو الباهتة أو التي تعطى الانطباع بكونها قد جاءت في سياق حملة تفتيش تجنيد “رافل” و ليست في نطاق تسمية نتيجة امتلاك الشخصية لقدرات مطلوبة عند رئيس حكومة دولة مهددة بالإفلاس.
سؤال أخير : هل أضاعت تونس بانتخاب الرئيس قيس سعيد وقتا ثمينا كان كافيا لاسترجاع الأنفاس بعد عشرية الخراب و هل كان الرئيس قيس سعيد الرجل المناسب فى المكان المناسب؟ نترك الإجابة للأيام…
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك