على تونس و هي تسعى الى الخروج من أزمتها الاقتصادية أن تختار شركاء الطريق و تستخلص عبر التجارب التي سجلت تقدما حتى و إن شابتها بعض النقائص مقارنة بما فشلت في تقديمه لشعوبها بعض دول الجوار الغنية طبيعيا و الفقيرة في التنويع الاقتصادي وخلق الثروة وتوزيعها العادل.
بقلم إلياس القصري
عبًر البعض من غير التونسيين عن عدم استساغتهم للدعوة لإعادة الجمهورية التونسية التوازن في علاقاتها مع دول الجوار و الحرص على تجنب إقحام تونس في الخلافات بين الأشقاء و خاصة بين الجارين الجزائر و المغرب مع الحرص على التركيز على القواسم المشتركة و اولها الاستقرار و التنمية المستدامة بعيدا عن الصراعات الايديولوجية التي تزرع الحقد والضغينة بين الأشقاء و تزهق جهودهم وإمكانياتهم المتواضعة في صراعات لفظها التاريخ.
إن أكبر عدو لتونس حاليًا هو توقف قطار التنمية و تدهور القدرة الشرائية و تعطًل المصعد الاجتماعي الذي كان في صلب الإنجازات التي حققتها ونعمت بها تونس بعد الاستقلال.
اذا قال الزعيم المرحوم الحبيب بورقيبة بنظرته الثاقبة ان تونس أمام تحدًي الجهاد الأكبر ضد التخلف و مقوماته المادية والمعنوية والثقافية فهذا التحدي أضحى أكبر خطورة مما كان عليه سابقا وأصبح يهدد كيان الدولة التونسية و صيرورتها.
أمام خطورة الأزمة العميقة التي تعيشها تونس فلا خيار لها إلا بالتركيز حصريا على عملية إنقاذ من مزيد المتاهات و المغامرات و العنتريات الواهية و العمل بثبات و جدية على تصحيح المثال التنموي وإعطاء انطلاقة جديدة لتنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة و متناغمة مع متطلبات العصر و التنافسية الدولية التي لا مستقبل لتونس بدونها.
وجب الإقرار بكل عقلانية و واقعية وتواضع ان الدول التي يمكن الاستئناس بتجربتها التنموية و تدعيم الشراكة الاقتصادية معها في جوارنا مع الحرص على الحفاظ على علاقات الأخوة والاحترام المتبادل المبنية على المصلحة المشتركة و المتكافئة مع كل دول المنطقة هي المغرب و مصر لما حققته من خيارات بدأت تعطي أكلها رغم التحديات الجسيمة.
على تونس و هي تسعى الى الخروج من أزمتها الاقتصادية و تسعى إلى إرساء مثال اجتماعي و اقتصادي جديد يضمن التنمية المستدامة لكل شرائح شعبها أن تختار شركاء الطريق و تستخلص عبر التجارب التي سجلت تقدما حتى و إن شابتها بعض النقائص مقارنة بما فشلت في تقديمه لشعوبها بعض دول الجوار الغنية طبيعيا و الفقيرة في التنويع الاقتصادي وخلق الثروة وتوزيعها العادل.
فهذا ليس بحكم على تجارب حكم و اقتصاد لدول أجنبية إذ كل شعب يتحمل مسؤولية خياراته السيادية لكنه تقييم موضوعي يفرض نفسه على تونس نظرا لارتباط التنمية بالعلاقات الخارجية والحال أن تونس تبحث عن وسائل وطرق انطلاقة جديدة وتنمية عادلة ومستدامة لكل شرائح شعبها بدون اقصاء او هيمنة داخلية أو خارجية.
سفير سابق.
شارك رأيك