من المؤكد اليوم أن رائحة الوجود الإسرائيلي في ليبيا قد طفت على السطح لتؤكد مدى التصدع و الانقسام الذي أصاب كامل الجسم العربي و جعل الكيان الغاصب يتمدد دون قيد داخل الجسم العربي المنهك و المقسم.
بقلم أحمد الحباسي
في ليبيا لم تقع ثورة كذلك في تونس و مصر و سوريا، على الأقل هذا ما رشح من عديد الدراسات الإعلامية و الأكاديمية الجادة و في الواقع لا يمكن أن نستسيغ “ثورة” في ليبيا يقف عليها الصهيوني برنار هنري ليفي و لا محمود جبريل “المتعاون” في عهد العقيد معمر القذافي مع عدة وكالات استخبارات من بينها الموساد كما جاء في كتاب “الوجه الآخر للثورات العربية” للكاتب اللبناني نضال حمادة و لا مصطفى عبد الجليل الصديق المشترك لهذين العميلين.
في تونس أيضا و في مصر لم تحدث ثورة بالمعنى الراقي للثورات و لا يزال التحقيق في هذا الأمر جاريا لفك طلاسم بعض الأحداث المشبوهة مثل ثبوت مشاركة بعض من قيادات حركة “فاحت ريحتكم” اللبنانية في مظاهرات الأيام الأخيرة قبل سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، في سوريا يكفى أن نستشهد بإحدى المقابلات الإعلامية لعرّاب هذه المؤامرة الوزير للخارجية و رئيس الحكومة القطرية السابق حد بن جاسم و الذي كشف كيف تحالفت السعودية و قطر لإسقاط الرئيس بشار الأسد.
علاقات مشبوهة و اتصالات سرية
عزمي بشارة، يوسف القرضاوي، برنار هنري ليفي، جون ماك كاين، قناة الجزيرة، قناة العربية، قناة فرنسا 24، المخابرات التركية برئاسة وزير الخارجية التركي الحالي هاكان فيدان و آخرون كثر شاركوا في قيام ما سمى “بثورات” الربيع العربي إضافة طبعا إلى المال النفطي الخليجي الفاسد.
اللافت للنظر أنه لا أحد من “الثوار” في ليبيا مثلا قد انتبه أو عبر عن غضبه أو استيائه من وجود علاقة مشبوهة بين قيادات الثورة الليبية في بدايتها و بين أحد كبار المنتمين للفكر الصهيوني المدعو هنري برنار ليفي و المعروف بعلاقته بالمخابرات الإسرائيلية و التي يؤكد الكتاب أعلاه وجود علاقة لها بالقيادي محمود جبريل ضابط الاستخبارات السابق في عهد معمر القذافى المكلف من طرفه بربط علاقات محددة مع الكيان الغاصب.
المثير أيضا ما كشفه الإعلام منذ أيام عن وجود اتصالات سرية بين وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنفوش و وزير الخارجية الإسرائيلي إيلى كوهين مع أن الوزيرة الليبية لا تترك مناسبة إلا و أكدت كونها تتحدث باسم الثورة الليبية و الحال أنها تعلم كراهية الشعب الليبي للكيان الغاصب لفلسطين.
المشروع الأمريكي التركي القطري
أن تتحدث عن عزمي بشارة فأنت تتحدث عن شخص رضع الحليب المالي القطري و تشبع بفتاوى الشيخ يوسف القرضاوي التي تحرض على الإرهاب تحت يافطة “الجهاد” و عن شخص خان القضية الفلسطينية و وقف مع الكيان الصهيوني الذي تستقبل قناة الجزيرة التي يمرر بها أطروحاته التضليلية رموزه الملطخة بدم الأبرياء الفلسطينيين و عن شخص وقف مع المشروع الأمريكي التركي القطري لتفتيت الدول العربية و نشر الدمار فيها.
لعل عزمي بشارة قد أدرك متأخرا أن الخيانة قد انكشفت خاصة بعد ما حصل في مؤتمر القمة العربية بالرياض و رجوع سوريا إلى حضنها الشعبي العربي و مع ذلك لا يزال الرجل مصرا على المشي ضد التيار و على خدمة المشروع الصهيوني الذي يتحول بتحول مجريات الأوضاع العربية المتقلبة.
سيسجل التاريخ أن عزمي بشارة قد خان قضية فلسطين و خان سوريا و خان الأمة العربية و كان شريكا بالصوت و الصورة فى إطلاق أيادي المتآمرين الصهاينة و الخليجيين لضرب الأمة العربية كما سيسجل التاريخ أن ما ارتكبه الرجل من تقديم خطاب منافق مضلل قد أدى إلى مزيد من الإحباط و الانقسام داخل الرأي العام العربي.
ربما وقف الشعب الليبي ضد ما كشفته وسائل الأعلام حول لقاء وزير خارجية ليبيا بنظيرها الإسرائيلي رافضا كل علاقة رسمية مع الكيان العدو و ربما حاول السيد عبد الحميد الدبيبة رئيس وزراء ليبيا الإيحاء بكونه لا يعلم بحصول الاتصالات و ربما ثارت ثائرة ما يسمى بمجلس النواب لكن المؤكد أن رائحة الوجود الإسرائيلي في ليبيا قد طفت على السطح لتؤكد مدى التصدع و الانقسام الذي أصاب كامل الجسم العربي و جعل الكيان الغاصب يتمدد دون قيد داخل الجسم العربي المنهك و المقسم.
لقد نجح برنار هنري ليفي في مخططه الجهنمي لإكساء ما يسمى بالثورة الليبية بوشاح العار و نجح في أن تبيع ما يسمى بقيادات الثورة تاريخ الشهيد عمر المختار بحفنة من الأموال الملطخة بالدم و العار و نجحت إسرائيل مرة أخرى في إضفاء كثير من المجهول على مصير ليبيا و ما يسمى بالثورة الليبية.
نحن نعيش زمن الخيانات ، زمن عزمي بشارة و برنار هنري ليفي و نجلاء المنفوش و موفق الربيعى و أحمد الجلبى و رياض حجاب و عبد الحليم خدام و راشد الغنوشى ، زمن أغبر تباع فيه الخيانة على قارعة الطريق.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك