أن تتحدث عن الإعلامي السيد زياد الهاني فلا بدّ أن يفاجئك الكثيرون بالسؤال التالي : لماذا انقلب الرجل على مواقفه السابقة و صار بوقا مشبوها لحركة النهضة لا يكلّ و لا يملّ في اعتبار”قيادتها” الموقوفة بالسجن من ضحايا ما يسميه “استبداد” السيد الرئيس قيس سعيّد؟
بقلم أحمد الحباسي
هل أنه لم يكف الوطن ما أصابه من خراب و تخريب طيلة العشرية السوداء لحكم حركة النهضة بقيادة شيخها راشد الغنوشي حتى يصاب الوطن بنكبة أخرى إسمها زياد الهاني يريد من العقل أن يقبل بأن هذا الحزب المشبوه و الذي كشفت وسائل الإعلام مدى انخراطه في تنفيذ المشروع الصهيوني القطري هو حزب يحمل الحل و ليس المشكل و أن كل ما قيل و انكشف و بات معلوما هي مغالطات إعلامية فجّة استهدفت أعزّ ما نملك من الأحزاب ستجعلنا نعضض الأصبع يوما ما لأننا خدشنا رقته و تسامحه بسهام النقد.
لعل خطيئة أو خطايا السيد زياد الهاني أنه كمثل “الهلفوت” دون كيشوت في الرواية الشهيرة للكاتب الإسباني الشهير ميغيل دى سرفنتس أحمقا ظن نفسه حكيم زمانه أو النبي الذي يحمل مهمة مقدسة لكنه ولد في غير أهله ليقضي سنوات عمره في مواجهة طواحين الهواء بدون نتيجة مع الفارق أن بطل الرواية الإسبانية قد تمكن رغم سذاجته و غبائه من اكتساب عطف قراء القصة و دخول ذاكرة الناس في حين زادت مواقف السيد زياد الهاني من عزلته و اشمئزاز المتابعين خاصة في مثل هذا الزمن المتلبد الغيوم الذي يحتاج فيه الوطن للكلمة و المواقف الصادقة لمواجهة تكالب دكاكين المخابرات و السفارات الأجنبية على هذا الوطن لتمزيقه.
قل لي من تجالس أخبرك بمن تكون
ربما تجاهل السيد زياد الهاني المثل الشائع الذي يقول : قل لي من تجالس أخبرك بمن تكون و في هذا السياق اختار الرجل أن يكون من المدافعين عن أشخاص مثل القاضي المشبوه البشير العكرمى و كل قيادات النهضة الملوثة أياديهم بدماء شهداء الوطن و المنتفخة حساباتهم البنكية بالأموال المنهوبة من خزينة البلاد و المهربة الى الجنات الضريبية في دول باناما و سويسرا و غيرها.
“من جهتي سأظل مدافعا عن حرية الصحافة ضد كل أشكال الوصاية، وعن حقوق الإنسان بمبادئها الشاملة التي لا تتجزأ، وعن دولة القانون والمؤسسات، لا دولة الجهل والغوغائيين عبيد الاستبداد”، هكذا يتكلم السيد زياد الهاني، “كلام جميل ما أقدرش أقول حاجة عنه” كما تقول الأغنية الخالدة للفنانة الراحلة ليلى مراد لكن و كما تقول الأغنية فإنه رغم البحث فان الحبيبة لم تجد خيال حبيبها المجهول فى قائل تلك الكلمات و كما يقول المثل “أسمع كلامك أصدّقك أشوف أمورك أستعجب” و فى هذا السياق فان الوقوف مع حزب القتلة ليس موقفا مشرفا و لا الوقوف مع قاض تجاهل قسم القضاء ليضيع دماء شهداء الوطن خدمة لجهة باتت معلومة يعتبر شكلا من أشكال الدفاع عن حقوق الإنسان أو دولة القانون و المؤسسات و لا ردّا مفحما على مواقف من سماهم حضرته، لا فضّ فوه، بالغوغائيين من عبيد الاستبداد.
ربما يريد السيد زياد الهاني وهو في خريف العمر أن يوحى لبعض متابعيه أنه استفاق من غفوته و يطلب الصفح عن مواقفه و هو مستعد في لحظات نشوته الذهنية أن يحوّل السفاح و القاتل و الخائن و العميل و ناهب الممال العام إلى شيخ ورع ينطق إلا بلسان التوحيد و العفة و لكن “في المشمش”.
الوقوف مع حزب القتلة
“الحمد لله الذي وهبني عقلا وهداني لاستخدامه في التفكير، بما يجعلني متحررا من كل أشكال التبعيات في مواقفي وآرائي”، هكذا يردد السيد زياد الهاني و لذلك نجده رافعا لأصبعيه الإثنين في كل مرة يتجاوز فترة التحقيق معه مهنئا نفسه بكونه قد أصبح من ضحايا الاستبداد و سجناء الرأي الذين لا يشقّ لهم غبار و أنه بات رقما صعبا بإمكانه زعزعة مملكة السيد رئيس الجمهورية أو هكذا يظن لكن الحقيقة العارية تؤكد أن من يجالس حزب القتلة و يدافع عن زبانيته فهو عبد من عبيد الإخوان لا يملك من قراره شيئا وهو و سيبقى حبيس قانون “السمع و الطاعة” دستور جماعة إخوان الإرهاب العملاء و لا يمكن الخروج عن قانون الصمت (omerta) الذي تتبعه المافيا فى علاقتها بكل المنتسبين إليها.
لقد أختار السيد زياد الهاني طريق الخداع و التضليل و الردة عن مواقفه المبدئية السابقة و هو فى ذلك حرّ لا محالة لكن لا يجب أن يظن الرجل أنه بهذه الانعطافة السيئة نحو الإخوان قد خدم حقوق الإنسان و لا مبادئ العدل و العدالة و لا وقف مع الوطن ضد الخونة.
لقد بات الرجل مجرد خرقة ملوثة تمسّح فيه كل زناة الوطن و هذا هو “النيشان” الوحيد الذي سيخرج به من الدنيا يوما ما.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك