لم يعد الدكتور المنصف المرزوقي يظهر على الشاشات أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي ربما لأنه رأى أن لا فائدة من وراء ذلك، أو أنه أحسّ بأن الشعب التونسي لم يعد يؤيده نهائيا وفقد شعبيته كاملة أو لأنه يخاف من الاعتقال بعد صدور مذكرة اعتقال دولية في حقه… (الصورة : المرزوقي يتظاهر في باريس).
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
منذ أن قرّر الرئيس التونسي قيس سعيّد حلّ البرلمان التونسي وإقالة حكومة هشام المشيشي في الـ 25 من شهر جويلية 2021 قررت أحزاب وشخصيات سياسية بارزة التصدي لمخطط سعيّد الجديد، وإبطال مشروعه الإصلاحي من خلال الضغط على الشارع وتهييج الشعب التونسي ضدّ إجراءاته التي وصفوها آنذاك بالتعسّفية والانقلابية، وكانوا يظنّون أن هذا السيناريو سينجح مائة بالمائة اعتمادا على شُهرتهم السياسية وعريضتهم الشعبية والدعم الدولي لتحرّكاتهم، لكن الذي حدث كان عكس ما يعتقدون.
ومن هؤلاء الذين فزعوا لهبّة المعارضة السياسية التي تزعّمتها حركة النهضة مع بعض الأحزاب السياسية الأخرى المعارضة لسياسات رئيس الجمهورية، الدكتور المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الأسبق ونجيب الشابي وجوهر بن مبارك وغيرهم من الوجوه المعروفة في تونس، وظلت هذه الشخصيات والأحزاب تناور وتحاكي كل السيناريوهات الممكنة الحدوث فيما لو استطاعت أن توقف زحف سعيّد نحو المؤسسات الحيوية كالبرلمان والقضاء والصحافة وغيرها، فكوّنت ما يسمى بـ”جبهة الخلاص” الموحّدة ظاهرا والمشتتة باطنا، لكن الذي وقع كان خلاف ما يتمنّون.
التونسي لم تعد تهمه السياسة
ومنذ أن كان المرزوقي لا يزال في تونس أثناء التحوّل الذي جرى في الـ25 من شهرجويلية 2021 انبرى إلى إنشاء منبر للحديث مع الشعب التونسي، ينادي فيه الجماهير بالخروج إلى الشارع وإيقاف الانقلاب – كما يسميه – وحاول أن يُسخّر كل وسائله الممكنة ووساطاته الخارجية من الدول الكبرى ليكسب الدعم المطلوب لكنه فشل في كل ذلك، وأدرك أن الشعب التونسي لم يعد تَهُمُّه السياسة بقدر ما يهمّه البحث عن لقمة العيش، وأدرك أيضا أن الشعب التونسي فقد الثقة بالسياسيين جميعهم بمن فيهم هو، فهو لم يقم في عهدته بما يجب عليه أن يقوم به، وعلم أن الخارج عاجز عن التدخل المباشر في تونس لتعدّد الأزمات العالمية في وقت كانت الدول الكبرى منهمكة في حربها ضدّ كورونا التي اكتسحت العالم وأرهقت الدول كلها وقضت على ملايين البشر.
وربما كان المرزوقي يعتقد بأنه سيحظى بدعم كبير حينما يطلق صرخته الأولى أمام العالم بأن الديمقراطية في تونس ماتت على يد السيد قيس سعيّد، وفي كل مرة كان يحاول بشتى الطرق أن يستنجد بالغرب وخاصة فرنسا لإزاحة سعيّد عن الحكم، لكنه يجد الطريق مسدودا رغم مكانته في فرنسا، وعندما رأى أن محاولاته كلها باءت بالفشل، لجأ إلى الهروب باعتباره حلا وحيدا لإنقاذ نفسه وعائلته من براثن المتابعة والمحاسبة والتحقيق والمحاكمة في كثير من الموضوعات التي نُفذت في عهده أو سمح هو بتنفيذها.
ورغم سفره إلى فرنسا، ظل يُطلق صواريخه نحو قصر قرطاج من هناك، ويحاول لملمة الجراح مع ظهور جبهة الخلاص المزعومة الضعيفة، لكن عربات كل الحلول كانت مهترئة لا تقوى على الإصلاح والتصليح فباتت مركونة في المخازن حتى بَلِيت وأصبحت في سوق الخردة لا يلتفت إليها أحد.
أفول نجم الرئيس السابق
ومع تعقّد المسائل على مستوى العالم، وتكاثر الأزمات، بدأ الدكتور المنصف المرزوقي يأفل نجمُه شيئا فشيئا، بعد أن كانت قناة الجزيرة تحديدا تخصص له مساحة كبيرة للحديث عن تونس وعن الأحداث الجديدة التي جرت فيها بلغة تغلب عليها الهجوم على الوضع الحالي رغم أنه متأزم في كل دول العالم.
ومع أفول نجمه في هذه القناة، لم يعد الدكتور المنصف المرزوقي يظهر على الشاشات أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي ربما لأنه رأى أن لا فائدة من وراء ذلك، أو أنه أحسّ بأن الشعب التونسي لم يعد يؤيده نهائيا وفقد شعبيته كاملة أو لأنه كان يخاف من الاعتقال بعد صدور مذكرة اعتقال دولية في حقه، وعلى أي حال فإن المرزوقي اختفى من الساحة…
شارك رأيك