الوضع الداخلي و الدولي الراهن يحتًم على تونس أن تسترجع موقعها على الساحة الدوليًة باتًخاذ المرونة في التعامل والخطاب وتجنًب المواقف الصداميًة و السعي الدائم الى الالتزام بالإجماع العربي والأفريقي و الدولي بعيدا عن الشعارات الرنانة و الخطب المتشنجة التي لا يرجى خير من ورائها.
بقلم إلياس القصري
اذا كانت الخيارات السياسيًة و الدبلوماسيًة من مقوًمات السيادة الوطنيًة و من أثمن حقوق الشعوب والأمم فيجب أن ينطبق ذلك ايضا على تونس في علاقاتها مع دول الجوار إذ أنً لكل بلد خصوصيًاته التاريخيًة والاجتماعيًة و الاقتصاديًة و إكراهاته و مصالحه التي من حقًه ممارستها والتعامل معها بكل استقلاليًة انطلاقا من حقً الشعوب في تقرير مصيرها.
وتبعا لما سبق وإن لم يكن القصد منه تقييم الخيارات السياسيًة و الدبلوماسيًة الجزائريًة التي هي من المشمولات الحصريًة للشعب الجزائري الشقيق لكن يبقى مع ذلك من حقً الشعب التونسي أن يستأنس بما يخدم مصالحه وأن يبتعد عن كلً ما لا يتماشى مع تاريخه وظروفه و طموحاته.
تجنب التأرجح في السياسة الخارحية
وقد كانت مصالح تونس و إشعاعها الدولي دائما مرتبطة بتجنًب المواقف الصداميًة والتعاون مع الشركاء الخارجيًين بعيدا عن المحاور والمعاداة و الاصطفاف وراء شقً ضدً الآخر.
الوضع الداخلي و الدولي الراهن يحتًم على تونس أن تسترجع موقعها على الساحة الدوليًة باتًخاذ المرونة في التعامل والخطاب وتجنًب المواقف الصداميًة و السعي الدائم الى الالتزام بالإجماع العربي والأفريقي و الدولي.
وانًنا نعتقد ،في الظرف الراهن، أن مصلحة تونس تستوجب تجنًب معاداة المغرب الشقيق او التصعيد مع فرنسا و شركائنا الأوروبيًين والابتعاد عن كلً ما يوحي بالتأرجح بين معسكري الغرب و الشرق لما قد يلحقه ذلك من ضرر جسيم بمصالح تونس ومكانتها ومصداقيًتها الدوليًتين.
اضافة الى ذلك، وممًا لا شك فيه أنًه سيكون التطبيع السعودي الاسرائيلي الذي يتقدًم بخطى حثيثة وما سيتبعه على الساحة الخليجيًة والإسلاميًة بمثابة الزلزال الدبلوماسي الذي يستوجب من تونس وقفة تامًل ومراجعة عميقة لخطابها السياسي و الدبلوماسي لكي تجنًب نفسها مزيدا من العزلة و لا يصبح صوتها على الساحة الدولية نشازا وهذيانا لا وقع له سوى الإضرار بالذات.
الخطب الرنًانة و الشعارات المتشنًجة لا تنفع في شيء
فلا ينفع القضيًة الفلسطينيًة التشبًث بخطاب ستًينيًات القرن الماضي أو المغالاة في الدفاع عنها بالخطب الرنًانة و الشعارات المتشنًجة من طرف أنظمة يرى فيها معظم الأطراف الدوليًة الفاعلة مظاهر الانحراف بالسلطة والفشل الاقتصادي إذ أن ذلك يعزًز مقولة اليمين الإسرائيلي و أذياله في الخارج الذين يدّعون أن العرب والفلسطينيين معادون للديمقراطيًة و لا يستحقًون التمتًع الكامل بحقً تقرير المصير لأنهم باستثناء الدول النفطيًة التي تتمعًش من مواردها الطبيعيًة غير قادرين على خلق ظروف النموً والاستقرار الداخلي و الخارجي.
إنً الوضع الدولي المتقلًب يستوجب من تونس تصحيح المواقف و الخطاب و التركيز على إنقاذ الاقتصاد الوطني بتجذير مقوًمات الديمقراطيًة والسيادة الوطنيًة التي ستكون سلاحا ناجعا للدفاع على أحقيًة الشعب الفلسطيني الشقيق في تقرير مصيره وتعطي لتونس المصداقيًة الكافية لدعم القضيًة الفلسطينيًة في إطار الشرعيًة الدوليًة خدمة للسًلم والاستقرار الدوليًين.
سفير سابق.
شارك رأيك