بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة و الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم تتأخر تونس الرسمية عن التعبير عن موقفها الواضح على لسان رئيسها و المطلوب اليوم من رئيس الجمهورية قيس سعيد المبادرة بتنقية الأجواء في تونس تحسبا للأيام الصعبة التي تنتظرها !
بقلم فتحي الهمامي
لدعمها الواضح والدائم للقضية الفلسطينية مباشرة وعلى إثر انطلاق عملية طوفان الأقصى المباغتة للاحتلال لم تتأخر تونس الرسمية عن التعبير عن موقفها الواضح على لسان رئيسها. هذا الموقف يدعم وبشدة فلسطين، ويعطي الحق لشعبها في المقاومة للوصول إلى تحقيق تقرير المصير وبناء الدولة المستقلة، وكذلك لا يسكت على الكيان المحتل فيندد به لعدوانيته وعجرفته، ولتنكيله بالشعب الفلسطيني، ثم ها هي الرئاسة تنظر في سبل التضامن مع الفلسطينيين.
وبالمثل ابدت القوى السياسية والمنظمات الوطنية، إذ اندلعت عمليات المقاومة البطولية في غلاف غزة، رأيا لا غبار عليه يؤازر بقوة الحق الفلسطيني، ويحيي مقاومته الباسلة، وليس ذلك فقط بل ها هي تتجهز للتحرك الميداني وللإسهام كما يجب وعلى ضعف إمكانياتنا في تقديم العون للفلسطينيين وإغاثتهم.
ولم يتخلف الإعلام العمومي والخاص كذلك بمختلف ادواته في القيام بما يلزم لإظاهر المساندة الصريحة للحقوق الفلسطينية.
القوى الاستعمارية الكبرى تقف مع إسرائيل
هذا هو موقفنا، جسورا ومخاصما للكيان الصهيوني بصفة لا غبار عليها، ونبقى على موقفنا. تونس تصدع بهذا الموقف عاليا دون وجل وبصفة متماهية ومتناغمة لجميع أطيافها سلطة ومعارضة ومحتمعا مدنيا وهي إن كانت بلاد صغيرة غير مؤثرة سياسيا -اللهم إلا في منطقتنا الجغرافية- وتمر بأوضاع اقتصادية دقيقة إلا أنها لا تتردد في تحدى التوازنات والأوضاع غير المواتية.
اما العدوان على الفلسطينيين وحملة التأييد له من قبل القوى الامبريالية العظمى فإنهما، لضخامتهما، لا يقارنا. فأمريكا ومن ورائها القوى الاستعمارية الكبرى تقف وبقوة إلى جانب إسرائيل.
وبدأ عدوانهم العسكري والإعلامي والسياسي على المقاومة بهدف تدميرها وعلى الشعب الفلسطيني لتهجيره مرة أخرى من جديد.
وليس ذلك فقط فهم يرون ان من يدافع عن المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني يضع نفسه في صف الإرهاب، وانطلقت بعد ماكيناتهم الإعلامية في التهجم عليه، ولا أشك أنه سيأتي وقت يمارسون فيه الضغط والابتزاز الاقتصادي علينا. على انه إن كانت موازين القوى بين قوى التحررية والقوى الامبريالية – في المنطقة والعالم – مختلة لفَائدة الأخيرة فإن التاريخ أبرز ان التطلع إلى الحرية والانعتاق وإن انهزم في جولات ينتصر في نهاية الامر. وللمساعدة في هذه المعركة – ستكون طويل الأمد – لاختيارنا الواعي دولة ومجتمعا ان نكون من ضمن القوى التحررية، ولمواجهة ما يمكن ان يقع من تبعات لموقفنا، أرى انه من الأهمية بمكان ان يبادر رئيس الجمهورية بما اسميه تنقية المناخ السياسي عن طريق نزع فتيل التوتر في بعض الملفات.
نزع فتيل التوتر في الداخل
فلا يخفى انه من الأهمية بمكان العمل على تمتين الجبهة الداخلية التونسية في هذا الوقت بالذات الخطير والمتقلب، والأيام المقبلة ستكون اخطر واكثر دراماتيكية في الحرب الدائرة على الشعب الفلسطيني، والمسار المؤدي إلى ذلك أراه يتمحور في النقاط الثلاث التالية:
1- فتح حوار بين الدولة و الهيئات الداعمة لفلسطين للتنسيق وبحث أشكال الدعم وتنظيمها
2- تسريع وتيرة العمل القضائي للحسم في ملف المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، فلا يعقل ان يتباطأ بهذا الشكل ويتمادى اعتقال المتهمين فذلك يعتبر تعديا على مباديء المحاكمة العادلة
3- تجميد العمل بالمرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، لصبغته الزجرية ولاستعمال فصوله للتعدي على حرية الرأي والتعبير
4- المعالجة السياسية لملف قضية رئيسة الحزب الدستوري الحر بما يفتح الباب لإطلاق سراحها.
ناشط حقوقي تونسي.
شارك رأيك