ما هي طبيعة السياق الإقليمي والعالمي الذي ظهرت خلاله الدولة الفاطميّة في تونس ثم مصر (909 – 969) ؟ بماذا تميّزت فترة حكم الفاطميين؟ ماهي أبرز الدول التي نشأت في الحقبة الفاطميّة؟ هل يمكن اعتبار الدولة الفاطميّة توسّعيّة؟
تلك هي القضايا التي ناقشتها نخبة من الأكاديميين والباحثين خلال لقاء فكريّ نظّمه قسم الدراسات الإسلاميّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة يوم 11 أكتوبر2023 بالتنسيق مع معهد الدراسات الإسماعيليّة لتقديم كتاب “الفاطميون” للباحثة شينول جيوا Shainool Jiwa المهتمّة في كتاباتها بتاريخ الفاطميين.
ورد الكتاب في جزأين، وباللغة الإنجليزيّة، وانتظم اللقاء الذي أشرف على فعالياته الدكتور محمود بن رمضان رئيس المجمع بمشاركة الأساتذة احميدة النيفر رئيس قسم الدراسات الإسلاميّة ببيت الحكمة وفوزي محفوظ وعدنان الوحيشي وفتحي البحري والهادي جلاّب.
تناولت المداخلات طبيعة السياق الذي ظهرت خلاله الدولة الفاطميّة ومراحل حكمها وخصائصه، إذ أجمع جلّ المتدخلين على حجم الاضطرابات العالميّة التي اتّسمت بها حقبة نشأة الفاطميين، وخاصّة العالم المحيط بالبحر الأبيض المتوسّط، وتحديدا العالم الإسلامي حيث كانت الخلافة العباسيّة ضعيفة ومضطربة ممّا يسّر تشكّل وبروز دول جديدة في الضفاف المشرقيّة والمغاربيّة.
وتميّز الغرب المسيحي في تلك الفترة بهيمنة الدولة البيزنطيّة ودولة روما المتسمتين كذلك بالتمزّق العقائدي، فالدولة البيزنطيّة أرثودوكسية، أمّا روما فكانت كاثوليكية.
ورفعت الدولة الفاطميّة شعارات جاذبة تساعد على التوسّع والانتشار مثل العدل و الحق إلخ… كما تجرّأت على طرح مسألة الخلافة بعد أن كان المسلمون موحّدين، وجعلت من إفريقيّة مركزا بعد أن كانت مهمّشة، كما شهدت مرحلة الحكم الفاطمي ازدهارا علميّا وفكريّا وأدبيّا.
وركّزت المداخلات في هذا السياق على مجالات الطب والفلك والقانون والدراسات اللاهوتيّة، مؤكّدة إسهامات تلك الحقبة في الإرث الفكري العالمي، ولئن تناول الجزء الأوّل من الكتاب نشأة هذه الدولة، ومذهبها الشيعي، وانفتاحها على العالم المسيحي، والنهضة الفكريّة التي سادت آنذاك، فإنّ الجزء الثاني مهتمّ أساسا بالتحوّلات التي عرفها الحكم الفاطمي، والأزمات التي أدّت إلى زوالها.
شارك رأيك