في خطوة، لم تفاجئ كلّ من يعرف طبيعة الشعبوية اليمينيّة الحاكمة في بلادنا والتناقض الصارخ الذي يفصل خطابها عن ممارستها، تدخّل قيس سعيد يوم أول أمس الخميس 2 نوفمبر الموافق للذكرى 106 لوعد بلفور الاستعماري، البغيض، تدخّل قيس سعيّد لإيقاف تصويت مجلس النواب على مشروع قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو مطلب مرفوع منذ مدة طويلة ولكنه اتخذ بعدا خاصا هذه الأيام ليحتل صدارة مطالب الجماهير المحتجة في تونس على حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة.
لقد تدخّل سعيد بكل فظاظة وفرض ما يريد على مجلس الدمى، فاقد الصلاحيات، بما يقيم الدليل مرة أخرى على أن سعيّد هو من جهة الحاكم بأمره الذي يسير المؤسسات حسب أهوائه وهو من جهة ثانية لا تتجاوز مناصرته للقضية الفلسطينية حدّ الشعارات الفضفاضة. لقد أسقط موقفه الذي نقله رئيس البرلمان “حرفيا” للنواب والذي يعتبر أن إصدار قانون لتجريم التطبيع “سوف يضرّ بالمصالح الخارجية لتونس” بل إنه “يدخل في خانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي”، ورقة التوت التي ظل سعيد يتخفّى بها ويعتمدها لمغالطة الشعب التونسي سواء للظهور بمظهر المدافع الكبير عن القضية الفلسطينية، أو للظهور بمظهر “المتمسّك المتشدّد بالسيادة الوطنية”.
لقد انتقل قيس سعيّد تحت محكّ الواقع من رافعٍ شعار “التطبيع خيانة عظمى” زمن الحملات الانتخابية إلى من يعتبر الدعوة إلى تجريم التطبيع قانونا “إضرارا بمصالح تونس” و”اعتداء على أمن الدولة الخارجي”. وهو ما يكشف الطابع الديماغوجي لخطاب سلطة الانقلاب حول مناصرة القضية الفلسطينية من جهة وانصياعها العملي، الفعلي لإرادة القوى الاستعمارية ولوبيات العمالة المحلية الرافضة لكل إجراء عملي ضدّ الكيان الغاصب، النازي من جهة ثانية. وهو ما يؤكّد الارتباط العضوي السياسي والاقتصادي والمالي والدبلوماسي والأمني، لمنظومة الحكم الشعبوية الحالية، مثلها مثل المنظومات السابقة، بمراكز القرار الامبريالي.
إن حزب العمال الذي لم يفاجئه تعطيل إصدار قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني، فإنّه:
-يدين سلوك كلّ من قيس سعيد، الحاكم بأمره ورئيس مجلس الدُّمى، ويعتبره طعنة لفلسطين في هذه اللحظة التي يتعرض فيها شعبها في غزة لحرب إبادة كما يعتبره إهانة للشعب التونسي الذي ما انفك يطالب بتجريم التطبيع باعتباره شكلا من أشكال الاعتراف بالعدو الذي يغتصب أرض فلسطين ومساعدته على قبر القضية الفلسطينية.
-يذكّر شعبنا بأن منظومة الحكم بعد الثورة بكل مكوناتها من حركة النهضة وحزب النداء وصولا إلى حكم سعيد اتّفق جميعها على رفض تجريم التطبيع انصياعا لضغوط القوى الاستعمارية الغربية وبعض أنظمة العمالة والخيانة العربية المطبّعة في الوقت الذي تصاعدت فيه كل مظاهر التطبيع الرسمي وغير الرسمي في تونس.
-يدعو الشعب التونسي وقواه الوطنية الحقيقية أن تتصدى لكل أشكال المغالطة التي تقودها الشعبوية للتغطية على عمالتها وخضوعها لتعليمات المراكز الإمبريالية الغربية التي تقود الحرب على الشعب الفلسطيني من أجل إعادة صياغة الأوضاع في المنطقة على حساب الشعوب والأوطان.
- كما يدعوها إلى تشكيل أوسع قطب شعبي في هذا الظرف لإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته والوقف الفوري للمجازر والمذابح بل حرب الإبادة الجارية في غزة وفتح المعابر لإيصال المساعدات للأهالي المحاصرين برّا وبحرا وجوا، وهو ما لن يتم دون ضغط حقيقي علينا تحمّل مسؤوليته في بلادنا عبر فرض قانون لتجريم التطبيع وطرد سفراء الدول الداعمة للعدوان وفي مقدمتها سفير “رأس الحيّة”، الامبريالية الأمريكية، والضغط على الأنظمة الرجعية العربية لوقف تصدير النفط والغاز للكيان الغاصب والدول الاستعمارية الداعمة له وفتح المعابر عبر مصر والأردن خاصة.
*المجد للشهداء والنصر لفلسطين.
من أجل وقف حرب الإبادة في غزة فورا
*من أجل فرض قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني الآن وهنا.
حزب العمال
تونس في 4 نوفمبر 2023
شارك رأيك