توقف بعض المناضلات، وفق ما تم تنزيله اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي عبر تسجيل فيديو، في محل تابع لسلسلة المطاعم العالمية KFC لتحسيس الرواد لمقاطعة هذه العلامة التي وردت من بين علامات أخرى وهي تساند الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة و ابادته لأطفال القطاع.
و للتذكير، أصدرت صفحة الحملة التونسية لمقاطعة و مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيونى بيانا، الاحد الماضي جاء فيه ما يلي:
“،تابعنا عن كثب، في الحملة التّونسية لمقاطعة ومناهضة التّطبيع مع الكيان الصهيونيّ، الجدل الذي أثاره مشروع قانون تجريم التّطبيع، بدءًا من المناورات والمماطلة داخل أروقة البرلمان وصولا إلى خطاب قيس سعيّد الأخير. والذي يمكننا أن نقول، دون الدخول في تحليل النّوايا، أنّ نتيجته المباشرة هي تعطيل تمرير القانون.
وهنا يهمّنا أن نذكّر بموقفنا الثابت من التطبيع وبتمسّكنا المبدئي بتجريمه، وهو مطلب رفعته أجيال من المناضلين صلب القوى الوطنيّة والتّقدّميّة التونسية والعربية منذ ما قبل الثّورة، وتبنّته حملتنا وناضلت من أجله دون انقطاع منذ تأسيسها إثر العدوان على غزة عام 2014.
كما نذكّر بأنّ تجريم التّطبيع ليس بدعة أو “مصطلحا لا وجود له” مثلما يدّعي سعيّد، بل هو مطلب شعبيّ عربيّ في المستوى الأوّل. بل وعالميّ إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ جلّ الحركات المناهضة للصهيونيّة تتبنّاه. وهو، على عكس ما يصوّره سعيّد، رفضٌ لخطاب الهزيمة ونسفٌ لمقولات الاستسلام التي نُفخ فيها بُعَيْد اتفاقيات أوسلو ومع بداية مسلسل التّطبيع العربيّ الرسمي مع كيان العدوّ.
ولذا نعتبر أنّ أيّ لعبة كلاميّة تحاول إفراغ المصطلح من معناه أو أن تُنكر جدواه، بدعوى عدم الاعتراف بالعدوّ ونفي وجوده، هي ليست أكثر من هروب من الاستحقاق الفعليّ نحو تجريد مثاليّ يخدّر وعي الطّبقات الشعبيّة دون أن يتقّدم قيد أنملة في “حرب التّحرير” التي يريد سعيّد إيهامنا بأنّها تتنافى و”حرب التّجريم”. وردّا على هذه المفارقة المغلوطة والمغالِطة، نقول أنّنا انطلاقًا من تمثّلنا للصراع على أنّه صراع عربيّ صهيونيّ، نعتبر أنفسنا منخرطين من موقعنا هذا في حرب التّحرير الشاملة لفلسطين وكامل بلدان الوطن العربي. فهذه الحرب هي مراكمة متواصلة ومستمرّة تؤدّي فيها الانتصارات الملموسة الصغيرة إلى الانتصار النهائي الكبير. ومن البداهة أنّ تجريم التّطبيع في سياقنا هذا، هو خطوة على طريق التّحرير، لأنّه التّجسيد العمليّ لإرادتنا في محاصرة العدوّ. فضلا عن أنّه الإجراء الّذي ما انفكّت المقاومة تذكّرنا بأنّه الأدنى الذي يجب ان نُسند به شعبنا العربيّ في فلسطين المحتلّة.
فالمقاومة لا تطالبنا باعتبار التّعامل مع العدوّ “خيانة عظمى” أو بتصدير مواقف رسميّة مشرّفة دون أيّة استتباعات عمليّة، إّنما تطالبنا بحصار العدوّ وعدم الاعتراف بشرعيّته عبر تجريم التّطبيع معه. لذلك فإنّ الظاهرة الخطابيّة الّتي يحاول قيس سعيّد خلقها في علاقة بالتّطبيع لا تمتّ بصلة إلى خطاب المقاومة ولا تعكس إلاّ عجزا عن تنزيل شعارات الانحياز والسّيادة على أرض الواقع.
إلى ذلك، نستغرب أن ينتهج قيس سعيّد هذا التّمشي غير البنّاء في علاقة بمسألة تجريم التطبيع. إذ كان من الأجدر به، وهو الّذي كان رفعه لشعار “ليس تطبيعًا، بل خيانة عظمى” محدّدا في وصوله لمنصب رئاسة الجمهوريّة، أن يبادر منذ وصوله إلى سدّة الرئاسة قبل أربع سنوات بتقديم تصوّرٍ للقانون الذي يجسّد هذا الشعار، وأن يختصر بذلك الطّريق على الشّعب التونسيّ الذي أثبت في التحرّكات العفويّة الأخيرة أنّ تجريم التّطبيع مطلبه.
وما يجعل هذا القانون استحقاقًا ضروريًا هو استمرار الجرائم التطبيعية، في مختلف المجالات (من العلاقات الرسمية، إلى الاقتصاد والسياحة والأكاديميا والرياضة والخ)، في عهد قيس سعيّد نفسه، دون أن نرى أدنى محاسبة رسميّة. وقد سبق لحملتنا أن التقت قبل بضع سنوات أحد مستشاري سعيّد وأكّدت على مطلبها وعلى ضرورة إيجاد حلّ للفراغ القانوني الذي يسمح بتواصل هذه الجرائم، لكن لم يكن هناك تجاوب.
إلى ذلك، نرى في الحملة أنّه كان من الأجدر بسعيّد أن يتفاعل مع مقترح مشروع القانون الذي قدّمه النوّاب وأن يقترح تعديل نقائصه مع الدفع من أجل إصداره، بدل أن يمارس علينا الخطابة ويجرّنا إلى نقاش قانونيّ تقنيّ ينطوي على تعقيدات لا نهاية لها بما يبعدنا عن الجوهر السياسي والطابع العاجل للموضوع.
والتركيز على الجوهر السياسي للموضوع هو ما انتهجناه في الحملة، إذ قدّمنا نقدنا وتحفظاتنا على النّسخة الأصلية لمشروع القانون، مع مقترحاتنا لتحسينه، مع تأكيدنا على أنّ سنّ قانون يحتمل التّعديل والتّحسين أفضل بكثير من تفويت اللحظة والإبقاء على الفراغ القانونيّ الذي نواجهه منذ سنوات، والذي يسمح للمطبّعين بارتكاب جرائمهم دون حسيب أو رقيب.
مع ذلك، ما زلنا نقدّر أنّنا مازلنا في لحظة تاريخيّة تحتّم علينا وتسمح لنا بسنّ قانون لتجريم التّطبيع. لكنّنا واعون بأنّ الفرصة التي قدّمتها لنا المقاومة في فلسطين محدودة في الزّمن، وبأنّها لن تتكرّر في حال فوّتنا القوس الزمنيّ الذي لا يزال إلى حدود اللّحظة ملائما لتمرير القانون. إلّا أنّه نظرا لمعرفتنا بموازين القوى وبدرجة تغلغل لوبيات التّطبيع وهيمنتها الإيديولوجيّة، خاصة في مجال الإعلام، فإنّنا نرى أنّ مرور هذه اللّحظة المفصليّة في تاريخ الصّراع العربيّ الصهيونيّ، دون سنّ قانون لتجريم التّطبيع سيمثّل خسارة كبرى وجريمة في حقّ الشعب الفلسطيني ومقاومته. هذا فضلا إلى ما قد يؤدّي إليه ذلك من خيبة أمل وانتكاسة معنوية لدى أبناء شعبنا في تونس وبين أنصار القضيّة الفلسطينيّة ومناهضي التطبيع على امتداد الوطن العربي.
بناء على ما سبق، ندعو في الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع، كلّ القوى الحيّة والأحرار الذين طالبوا ومايزالون بتجريم التّطبيع إلى مواصلة التّعبئة…”
شارك رأيك