انتهى اجتماع مجلس مكتب نواب الشعب المنعقد اليوم ببيان من رئيسه أعلن فيه “تأجيل النظر في تعيين موعد لاستئناف الجلسة العامة المخصّصة للنظر في مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني” إلى ما بعد المصادقة على قانونيْ المالية والميزانية. وهو ما يعني عمليًا تأجيل النظر إلى بداية السنة المقبلة، في أفضل الأحوال.
أمّا سياسيًا، فإنّ ذلك يعني بوضوح أنّ مشروع قانون تجريم التطبيع قد قُبِر اليوم من جديد على يد بودربالة رئيس برلمان “25 جويلية”. وأنّه قد نجح في مناوراته ومساعيه الدؤوبة لإضاعة الوقت وتفويت اللحظة السياسية الراهنة المتّسمة بالتعاطف الشعبي في تونس مع فلسطين ومقاومتها. ونحن نعلم جيّدًا أنّ هذه اللحظة يصعب أن تعود قريبًا، خاصة اذا ما توقف العدوان الصهيوني على غزّة، وهو ما نرجو أن يحصل في أقرب الآجال.
إلّا أنّه من واجبنا اليوم في الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني أن نصارح شعبنا ونحمّل المسؤولية لمن تسبّبوا في هذا الاخفاق. إذ لم يكن لبودربالة أن يمرّر قراره الغادر هذا لولا تخاذل عديد النوّاب الذين كانوا مع هذا القانون ولم يحضروا اليوم في اللحظة الحاسمة التي كانت تستوجب التصعيد لا أنصاف المواقف. كما أنّ هذا القرار هو نتيجة طبيعية لموقف قيس سعيّد المخاتل والمتهرّب من هذا الاستحقاق الوطني الذي فضّل عليه السفسطة والمزايدة والتعطيل. وهو كذلك، نتيجة لعدم صدقية عديد القوى السياسية التي لم تجعل من هذه المعركة أولوية لها، بمن فيها تلك التي رفعت تمرير القانون شعارًا لها خلال الأسابيع المنقضية.
وأمام تخاذل هؤلاء اليوم، نعتبر أنّ كلّ ما سيقولونه لاحقًا من كلام، أو ما سينظمونه من تحرّكات، حول دعم فلسطين وتجريم التطبيع هو مجرّد لغو ونفاق.
نعم، انهزمنا مجدّدا في جولة جديدة من معركة سنّ قانون تجريم التطبيع، لكنّ هذه المعركة لم ولن تنته. فهي جزء أصيل من انخراطنا في الصراع الوجودي بين شعوب أمّتنا العربية وكيان العدوّ الصهيوني وداعميه ومرتزقته من النخب العميلة والمطبّعة. ورهاننا الأساسي فيها هو على صدق الطبقات الشعبية تجاه فلسطين وعلى جهود المناضلين المشتبكين لا على وعود الأنظمة أو حسابات تجّار السياسة.
الخزي والعار لمن خاف أو خان، والمجد دائمًا وأبدًا للمقاومة ولنضالات الشعوب.
شارك رأيك