تحيي الحركة الحقوقية الذكرى 75 لإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. هذا الإعلان الذي عبّر سنة 1948 عن طموح المجتمع الدولي لتجاوز مآسي الحرب التي دفعت فاتورتها الشعوب والبلدان المستهدفة من قبل قوى الاستغلال العالمي، مثلما تعيش الانتهاك والدّوس على الحقوق الأساسية لكلّ الطبقات المضطهدة والبلدان المستعمرة والملحقة والتابعة.
ولئن شكّلت ولادة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لحظة فارقة ومهمّة في تاريخ الإنسانية فإنّ خضوع الدول للتناقض بين الخطاب والممارسة، مثله مثل احتكام المؤسسات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ذاتها التي أصدرت الإعلان والصكوك والمواثيق النّابعة منه، قد أضعف الثقة في منظومة حقوق الإنسان في الوقت الذي يجب أن تتّجه فيه السهام إلى القوى المتحكمة والمتنفذة في مفاصل القرار الدولي المنحاز كليّا لمصالح الدول والمؤسّسات والشركات الاحتكارية الامبريالية والصهيونية التي تحكم فعليّا العالم.
ومحليا تأتي ذكرى الإعلان العالمي متزامنة مع تنامي الهجوم الشعبوي على الحقوق والحريات بالاستهداف الممنهج من ذلك إصدار المرسوم الفاشي 54 واعتقال العديد من المعارضين والإعلاميبن والمدوّنين والنشطاء على خلفية تصريحات ومواقف، مع تنامي خطاب تحريضي ضدّ الرأي والتعبير والتنظم الحزبي والنقابي والجمعياتي مع تصاعد سطوة أجهزة الأمن وقضاء التعليمات والاتّجاه نحو مزيد وضع اليد على الإدارة ونسف استقلالية هيئات التّعديل وعلى رأسها هيئة الانتخابات التي تحوّلت إلى بوق للحاكم بأمره وضرب للسلطة القضائية التي تحوّلت إلى مجرّد وظيفة تابعة وخاضعة للسلطة التنفيذية فضلا عن إلغاء السلطة التشريعية ببعث برلمان الدّمى ومواصلة تنظيم الانتخابات المهزليّة لبعث مجلس جديد لا يعرف أحد صلاحياته.
إنّ حزب العمال إذ يهنّئ الحركة الحقوقية بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنه يعتبر:
- أنّ ازدواجية المعايير وفصل حقوق الأفراد عن حقوق الشعوب وعلى رأسها حقها في تقرير مصيرها هو كشف لحقيقة الرأسمالية العالمية باعتبارها معادية ومناقضة للحقوق التي تكافح من أجلها الطبقات والشعوب والأمم المضطهدة.
- أنّ اختلال التوازن بين الخطاب والممارسة هو خاصية جوهرية للرأسمالية التي لا همّ لها سوى مصالحها التي تدافع عنها بكل قوّة وعنجهية، وتدلّل حرب الإبادة والتصفية التي تنظمها دولة العصابات الصهيونية مدعومة من الامبرياليات العالمية وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية التي تقود فعليا هذه الحرب بما يعرّي للمرّة الألف حقيقتها وحقيقة شعاراتها الزائفة.
- أنّ انخراط عديد المنظمات الحقوقية في منطق دولة الاحتلال الصهيوني والامبريالية العالمية إنما يضرب في الصميم مصداقية هذه المنظمات التي على الأحرار والشرفاء فضحها والتّشهير بها.
- يجدّد قناعته بأنّ تنامي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في بلادنا هو النّتيجة الحتمية لسيطرة الشعبوية اليمينية المحافظة منذ انقلاب قيس سعيد والذي استهدف خاصة مكاسب الحقوق والحريات التي حققها شعبنا بتضحياته على طول عقود متحدّيا مجمل منظومة الحكم قبل 14جانفي وبعده والتي تتّفق بمجملها في عدائها واعتدائها على حقوق الإنسان.
- يؤكد تضامنه المبدئي مع الحركة الحقوقية التونسية وعلى رأسها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تتعرّض اليوم إلى الاستهداف على خلفية مواقفها من الانتهاكات والمسّ من الحريات تشريعا وممارسة.
- يجدّد دعوته لتشكيل ائتلاف حقوقي تقدّمي ينتصر للشعوب والطبقات المضطهدة ويعادي الاحتلال الصهيوني العنصري وينتصر للتطلّعات المشروعة وعلى رأسها الحق في مقاومة الاحتلال بكلّ الأشكال بما فيها الكفاح المسلّح باعتبار ذلك مكفولا في منظومة حقوق الإنسان الكونية.
حزب العمال
تونس في: 9 ديسمبر 2023
شارك رأيك