الجميع يتحدثون عن رفض التطبيع مع العدو الصهيوني و الجميع ينادون بتجريم التطبيع و مع ذلك كلنا نطبع بشكل أو بآخر مع هذا العدو و ندعمه بالأموال و نشارك في رفاهية اقتصاده و تدعيم قدرته العسكرية.
بقلم أحمد الحباسي
من المعلوم للجميع أن الغرب الاستعماري هو من أنشأ الكيان الصهيوني و زرعه في قلب فلسطين و في قلب الأمة العربية و من المعلوم أيضا كما جاء على لسان أكثر من متابع أو محلل أنه من مصلحة الغرب عموما و الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا بقاء الصراع العربي الصهيوني مشتعلا على الدوام حتى يتم إنهاك الدول العربية و بالذات الخليجية اقتصاديا و تمكين مصانع الأسلحة الغربية من بيع كميات الأسلحة التي توفر لها عائدات خيالية كما تساهم تلك المصانع في تخفيض عدد العاطلين عن العمل و رفع مستوى عيشهم.
لا بدّ أيضا من التذكير أن ألمانيا توفر دعما ماليا خياليا بعنوان التكفير و تعويض الصهاينة عما يسمى بالهولوكوست نسبة لما ارتكبه الزعيم النازي أدولف هتلر من تجاوزات في حقهم إبان الحرب العالمية الأولى و الثانية.
الدعم الغربي الخيالي للكيان الصهيوني
بطبيعة الحال لا تخفى الإدارات الأمريكية المتعاقبة مساندتها غير المشروطة للكيان الصهيوني على كل الأصعدة ناهيك أن عدد الفيتو الذي رفعته هذه الإدارات في مجلس الأمن رفضا لكل قرار يدين إسرائيل من أجل ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية و قيامها بمجازر تطهير عرقي منذ نشأة هذا الكيان اللقيط يعدّ رقما قياسيا غير مسبوق و يقوم دليلا و حجة أن هذه الإدارات الخبيثة لا علاقة لها بمفاهيم الديمقراطية و حقوق الإنسان و حق الشعوب في مواجهة الاستعمار.
هذه المساندة القوية لها ثمن مالي و اقتصادي لا تخجل هذه الدول من تقديمه بسخاء للكيان الصهيوني و آخر ذلك المساندة العسكرية و المالية و اللوجيستية و الاستخبارية منذ ما يقارب الثلاثة أشهر من عدوان هذا الكيان على غزة المنكوبة لذلك لا بد أن نتساءل عن مصدر هذا الدعم الخيالي و من أين تقتطع الدول الغربية الأموال الموجهة لإسرائيل و ما هو دور الشعوب العربية في توفير هذه الأموال التي تذهب لتدعيم غطرسة الكيان الصهيوني.
ربما لا ينتبه المواطن العربي إلى أن هناك علاقة تشابك مصالح عضوية بين إسرائيل و بين عديد الشركات التجارية الغربية التي تنشط في البلدان العربية و تتحصل بفعل تجارتها على عائدات مالية خيالية و إذا انتبهنا إلى أن أغلب هذه الشركات يتداخل فيها رأس المال بالسياسة و أنها لا تستطيع نظرا لقوة اللوبيات الصهيونية في الدول الغربية أن ترفض تقديم العون المادي للكيان المحتل و أن هذا الدعم يـأخذ أشكالا و صورا مختلفة خاصة و أن هذه الشركات ترفض طبعا الإعلان عن تلك المعونات خوفا من خسارة أسواقها العربية.
لم يعد سرّا أن نجد على رأس هذه الشركات شركة كوكا كولا الشهيرة التي تملك مصنعا في إسرائيل والتي تؤكد عديد المعلومات و التقارير الإعلامية أن هذه الشركة تقدم دعما ماليا سخيا جدا لهذا الكيان الوحشي و لعديد القيادات الصهيونية كدعم في تمويل حملاتها الانتخابية كما لم يعد خافيا أن هذا الدعم المالي هو الذي يمول الحرب على غزة و يساهم مباشرة في قتل الشعب الفلسطيني.
من الرئيس الأمريكي هارى ترومان الذي كان أول رئيس أمريكي يعترف بإسرائيل إلى الرئيس الحالي جو بايدن الذي اعتبر أن أمن الكيان من أمن الولايات المتحدة الأمريكية اختلفت الأسماء و لكن بقى الدعم غير المحدود للكيان على كل المستوى و من كوكا كولا إلى ماك دونالدز إلى هولات باكارد إلى كثير من الشركات التجارية العالمية الكبرى تواصل الدعم المالي الخيالي لكيان المجرمين الصهاينة.
حكام عرب باعوا القضية الفلسطينية و هرولوا للتطبيع مع إسرائيل
بطبيعة الحال هناك حقائق كثيرة يجب أن تقال و على كل واحد منا أن يواجه نفسه بهذه الحقائق و لعل أول هذه الحقائق أن كثيرا من حكام العرب المتخاذلين قد باعوا القضية الفلسطينية و هرولوا للتطبيع مع إسرائيل دون مجرد الالتفات إلى نفور شعوبهم و رفضها الصريح لهذا المسعى القبيح.
ثاني الحقائق الساطعة أن إعلان الشعوب العربية لرفضها للتطبيع لا يكفى و لا يغنى ولا يسمن من جوع طالما لم يتم توجيه حناجر الرفض للتطبيع المفروض عليها و السعي لإزاحة حكام الخيانة من مواقعهم بكل الطرق الديمقراطية المتاحة كما أنه لم يعد مقبولا تحت أي صورة بتواجد الشركات الغربية التجارية المتعاونة مع إسرائيل و الممولة لقوتها العسكرية الوحشية أو بشراء منتجاتها و المطلوب فقط وقفة عزّ تاريخية تؤكد للعالم و للشعب الفلسطيني بالذات أن الشعوب العربية تعتبر القضية الفلسطينية و الدفاع عنها في أول سلم أولويات نضالها.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك