لا شرف إلا شرف البندقية و لا شعوب إلا شعوبا عاشقة للحرية و لا خيارا مقبولا إلا خيار المواجهة و لا عدوان على هذه الشعوب سيبقى بلا رد و ستعلم أمريكا و ربيبتها إسرائيل أن زمن الهزائم العربية قد ولّى و أن حقد الأمة سيحرق كل الطغاة.
بقلم أحمد الحباسي
كل الاحتمالات المتعلقة باغتيال إسرائيل للقيادي الفلسطيني في حركة حماس الشيخ صالح العاروري تؤكد وجود عملاء ساعدوا الموساد الصهيوني على تنفيذ هذه العملية الغادرة فى الضاحية الجنوبية لبيروت وهي منطقة معروفة بحسّها الأمني و شدة الرقابة وعدم التهاون في القبض على العملاء.
بطبيعة الحال نحن لا نذيع سرا حين نشير إلى أنه يوجد الكثير من العملاء في لبنان من الذين تحالفوا مع الصهاينة منذ سنوات و ما زالوا إلى الآن يتسترون وراء هويات مزيفة مختلفة.
إذن لا يمكن تصديق رواية أحد الكوادر الفلسطينيين الذي اعتبر أنه من السهل جدا معرفة إقامة الشهيد صالح العروري و الأمر لا يحتاج إلى وجود عملاء لأن مجرد إقامة الشهيد بالضاحية الجنوبية دون غيرها هو دليل قاطع على أن الرجل قد اختار المكان الأكثر أمانا و بعدا عن عيون العملاء المحليين والمخابرات الصهيونية التي وضعت إسمه على قائمة الاغتيالات منذ سنوات.
هناك نار تحت الرماد
بالدموع و الحلوى استقبلت قرية عارورة التي تقع شمال الضفة الغربية مسقط رأس الشهيد صالح العاروري نبأ اغتياله و لكن ورغم تصريحات والدة الشهيد و زوجته التي أهدت روحه قربانا للقضية الفلسطينية و لكن من الواضح جدا أن هناك نارا تحت الرماد وأن وعد المقاومة ووعد الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله في خطابه ليلة أول أمس بالانتقام للشهيد لن تبقى مجرد وعود و لذلك باتت القيادة الصهيونية التي أمرت بتنفيذ عملية الاغتيال بعد أن عجزت عن اقتلاع انتصار حتى بالحد الأدنى رغم مرور ما يقارب الثلاثة أشهر من عملية طوفان الأقصى التي أفقدت العدو توازنه الموهوم خلال بعض الساعات والتي مكنت المقاومة الفلسطينية من تمريغ وجه الجيش الصهيوني في التراب والحصول على غنائم حرب من بينها ما يزيد عن 250 أسيرا من مختلف الرتب العسكرية إضافة إلى كمية هائلة من الوثائق والمعلومات المهمة، قلت باتت هذه القيادة المتوحشة الفاشلة أسيرة آلام الانتظار وغير قادرة على كبح تساؤلات وسائل الإعلام التي تعلم جيدا قدرة المقاومة على توجيه ضربات انتقامية موجعة في العمق الصهيوني بالذات.
من الواضح أن قرار اغتيال الشهيد صالح العاروري في هذه الفترة بالذات قد تم اتخاذه على أعلى مستوى في إسرائيل وبموافقة صريحة من الإدارة الأمريكية الصهيونية التي أعطت الضوء الأخضر منذ بداية الحرب الوحشية على غزة للكيان الصهيوني لارتكاب كل جرائم الحرب الممكنة بما فيها استعمال القنابل الفسفورية المحرمة دوليا و من الواضح أن حاجة رئيس حكومة العدو لصورة انتصار قد دفعته دفعا لاستعجال توجيه الضربة لمقر الشهيد مدركا أن هذه الحماقة لن تضع حدّا للمواجهة بل ستزيد من ضراوتها في غزة و في كل مكان يتواجد فيه الصهاينة في العالم.
عرب التطبيع و مؤامرة ضرب القوى المقاومة
ربما رأى بعض المتابعين عن حسن أو سوء نية أن كلمة الأمين العام لحزب الله لم تكن واضحة أو قاسية أو معبرة بالشكل المطلوب و لكن الأغلب أن هذه الكلمة قد كانت من أعنف خطب الرجل منذ سنوات وقد اختار فيها هذه المرة صفة الاقتضاب القصوى قصدا مدركا أن القيادة الصهيونية قد فهمت الرسالة جيدا وهو الأهم في نظره خاصة أن السيد حسن نصر الله قد سبق له الصيف الماضي الرد على تهديدات رئيس الحكومة الصهيونية باغتيال الشيخ العاروري بأنه لا يهم حزب الله إن كان الهدف إيرانيا أو فلسطينيا أو لبنانيا و أي عملية اغتيال تقوم بها إسرائيل على الأرض اللبنانية ستثير ردّا قاسيا من الحزب.
لعل أبله تعليق صادر بعد عملية الاغتيال يتحدث عن أن عملية اغتيال الشيخ صالح العاروري و ما سبقها أو تزامن معها من اغتيالات في إيران لبعض القيادات العسكرية الإيرانية إضافة إلى التفجيرات الدموية الأخيرة في إيران هي محاولة صهيونية خبيثة و مدروسة لجرّ الولايات المتحدة الأمريكية إلى مربع الحرب في المنطقة و القيام بعدوان شامل على كل محور المقاومة وصولا إلى التخلص دفعة واحدة من كل صوت بندقية قادرة على مواجهة مشاريع تفتيت المنطقة و فرض التطبيع بقوة الأمر الواقع بعد أن فرملت عملية طوفان الأقصى هرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع المجاني مع كيان العدو الغاشم.
هذا الغثيان اللفظي مثير للسخرية لأن الولايات المتحدة قد عبرت صراحة و برغبة منها أنها تقف مع العدوان و تسخر كل قوتها العسكرية بما فيها قوات النخبة وأحدث معدات التصنت الاستخبارية و صور الأقمار الاصطناعية إضافة إلى تزويد الكيان الغاصب بأحدث المعدات العسكرية مع تسخير ملايين الدولارات لتغطية العجز الاقتصادي الصهيوني الناتج عن كلفة الحرب الدموية على غزة فهل بعد هذا يمكن الحديث عن عدم انخراط أمريكا في عدوانها الوحشي على كامل محور المقاومة؟
عروش آيلة للسقوط
لعل هناك علامات استغراب حول مواقف بعض الدول العربية التي رفضت مجرد التنديد بعملية اغتيال الشيخ صالح العاروري ولعل هذه المواقف الجبانة و السلبية التي اتخذتها هذه الدول تؤكد شعورها بالمرارة لأن عملية طوفان الأقصى قد كشفت فضيحة هرولتها للتطبيع مع عدو لم يتورع عن اغتيال أكثر من عشرين ألف فلسطيني بدم بارد في عدوانه الأخير على غزة و لعل عملية الاغتيال ستزيد من تعرية هذه الكيانات التي تحرسها المخابرات الأمريكية الصهيونية والتي باتت مصدر إزعاج لكل صوت مقاوم بقيامها بدور الإسناد لمخططات العدو والانخراط في مؤامرة ضرب القوى المقاومة التي تدافع عن شرف أمة كاملة لا ترى في هذه العروش الآيلة للسقوط إلا خزانا ماليا ممولا لتنفيذ المؤامرة الكبرى في المنطقة.
في الأخير لا شرف إلا شرف البندقية و لا شعوب إلا شعوبا عاشقة للحرية و لا خيارا مقبولا إلا خيار المواجهة و لا عدوان على هذه الشعوب سيبقى بلا رد و ستعلم أمريكا و ربيبتها إسرائيل أن زمن الهزائم العربية قد ولّى و أن حقد الأمة سيحرق كل الطغاة.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك