جمهور من مختلف الشرائح العمرية تحول مساء الثلاثاء 9 جانفي 2024 الى مدينة الثقافة الشاذلي القليبي، وتحديدا الى قاعة المبدعين الشبان، للإحتفاء بالمسرح وبإنطلاق فعاليات الدورة الرابعة لملتقى مسرح الهواية التي تنتظم تحت اشراف مسرح أوبرا تونس ـ قطب المسرح والفنون الركحية تحت شعار ” البدء كان بالمسرح والعود الى هواية المسرح” .
ملتقى مسرح الهواية هو لقاء مسرحي لإكتشاف مختلف التجارب المسرحية الهاوية والطاقات الإبداعية الشابة .
على أنغام النشيد الرسمي التونسي وبألوان العلم الفلسطيني التي زينت معلقة التظاهرة وأضاءت شاشة قاعة المبدعين الشبان، قدمت الممثلة جميلة الشيحي مديرة قطب المسرح والفنون الركحية برنامج الدورة قبل أن تدعو الحضور لمشاهدة مقاطع فيديو تضمنت مقتطفات من عروض الدورة الثالثة لملتقى مسرح الهواية وملخص لعروض الدورة الحالية .
أما الإفتتاح فكان من نصيب مسرحية ” الوصايا العشر” إنتاج ورشات قطب المسرح والفنون الركحية بمسرح أوبرا تونس تأطير المسرحي عبد القادر بن سعيد .
ركح خال من الديكور باستثناء بعض المقاعد وطاولة مستطيلة عليها فتاة شابة تبين أنها جثة ببيت الموتى، يقوم عايش الضاوي بمعاينتها ويروي في الأثناء قصته التي أوصلته الى هذا المكان بعد عجزه عن ايجاد شغل نتيجة الموالاة في التعيينات .
يقتحم مجموعة من الشباب الركح لنكتشف أن أحداث “الوصايا العشر” تدور بقاعة تمارين مسرحية يقوم فيها هؤلاء الشباب بالبحث والتدقيق في الوصايا العشر لسقراط .
أثناء عملية البحث في وصايا سقراط تتطرق الشخصيات بمختلف توجهاتها وبيئتها ومستواها الدراسي والفكري الى عدة مواضيع تراوحت بين ماهو سياسي واجتماعي، كما تم تسليط الضوء على عديد القضايا التي تهم المواطن والمرأة منها الاغتصاب والعنف والبطالة والتشغيل الهش، والفساد الأخلاقي، والقمع البوليسي الذي نستشفه من خلال قصة الفتاة التي تم الاعتداء عليها وقتلها بعد تعرضها للهرسلة ولعديد المضايقات جراء أفكارها الثورية ورغبتها في التغيير، فتاة تتحول من رمز للثورية والتصدي للظلم والتهميش الى مجرد رقم ببيت الموتى “942”.
كما تطرح المسرحية عدّة تساؤلات وجودية تتمحور أساسا حول: كيف لهؤلاء الشباب أن يتشبثوا بقيمهم في عالم مليء بالعنف والتوتر ؟ كيف يمكن لهم أن يفتكوا مكانهم عن جدارة؟ كيف يمكن لهم الا يتبعوا القطيع ويتجنبوا الايمان بالمسلمات… والا يصدقوا رجال الدين ؟
مجموعة من الأسئلة الوجودية الإنسانية تتلخص في أهم نتيجة وهي ” ألا نرفض ما يتعارض مع منطقنا وفكرنا”.
“الوصايا العشر” كوميديا سوداء كشف من خلالها فريق المسرحية عن تناقضات المجتمع والظلم المسلط على الفرد والمجموعة من خلال “هدم الجدار الرابع” ومخاطبة الجمهور بطريقة مباشرة .
تناقضات وقضايا وأسئلة عبرت عنها الشخصيات من خلال الحوار الذي تراوح بين التراجيديا والكوميديا ومن خلال الرقص والغناء والتعابير الجسدية .
وفي مشهد التحمت فيه الشخصيات بعضها ببعض رددوا بصوت واحد “الوصايا العشر لسقراط”. ُشُكّ في كل شيء.. ابحث دائمًا عن الحقيقة .. لا تتبع القطيع … تجنب الإيمان بالمسلّمات.. اسأل كثيرا.. اقرأ كثيرا.. انقد الأفكار ولا تقدس أيّا منها … لا تصدق رجال الدين.. لا ترفض دومًا ما يتعارض مع منطقك وفكرك … لا تؤذِ من يختلف معك بالرأي.. وهي الوصية العاشرة التي رددها الشباب أكثر من مرة قبل أن يسدل الستار على “الوصايا العشر” .
شارك رأيك