“نعيق الغربان لا يهزّ الصّقور …
الحمد لله وحده ..
علمت ببالغ الدهشة و الإستغراب عن خبر إحالة الأستاذ البشير المنوبي الفرشيشي على التحقيق إثر زيارته الأولى لي و لبعض الموقوفين الذين ينوبهم بتهم استحي حتى من مجرّد ذكرها بعد العثور على مفتاح صغير داخل حقيبته و بعض شفرات الحلاقة تم إعتبارها سلاحا ابيضا وهو القامة العلمية المديدة وأحد أعلام المحاماة و الباحث و الأكاديمي الذي أثرى المدونة القانونية التونسية ببحوثه و أعماله التي يشهد بها كل من له صلة بالشأن التشريعي في البلاد .. و لعل ما عمّق من صدمتنا وما زاد في إشمئزازنا هو الأبعاد التي أخذتها الحادثة و تناول بعض الناعقين الناهقين لها في بعض البلاتوات الرخيصة على غرار ذلك القزم الذي حاول التطاول على أستاذنا الكبير وتجاوز كل حد في الإساءة إليه بالإيحاء بأنه كان يسعى لمساعدتي على الفرار من السجن خاصة و أنه سبق لي محاولة الهروب في أكثر من مناسبة حسب زعمه الكاذب و قد نسي هذا “الكائن” في غمرة تحاليله التهريجية اني لا أحتاج مفاتيح لفكّ أغلال لا أحملها لموانع طبية بعد خضوعي لعملية جراحية معقّدة لمعالجة إصابة تسبب لي فيها إطار أمني غير مسؤول يوم إيقافي ..كما أنه لو كان في تفكيري نيّة الهرب لما أخترت بكل شجاعة مواجهة مصيري و الإنخراط بكل قناعة و دون أي ضغط في مسار الصلح الجزائي منذ يوم 4 جوان خاصة و أن الهروب إلى خارج أرض الوطن بكل الطرق كان من أسهل الحلول المتاحة أمامي على غرار ما فعله العديد من رجال الأعمال بل و كانت كل الظروف تحضّ على ذلك بعد أن حلت بي كل مصائب الدنيا و تعطلت كل أعمالي و أصبحت مهددا في حريتي و ملاحقا من الأجهزة الأمنية يوم إخترت هذا المسار الصلحي و عقدت العزم على إغلاق كل الملفات العالقة و كانت علاقتي يومية مع لجنة الصلح الجزائي وهو ما عاينه سيادة رئيس الجمهورية بنفسه عندما صادف أن إلتقيته هناك صحبة أعضاء هيئة الدفاع يوم زيارته الفجئية لمقر اللجنة حبث بلغ إلى علمه كل التعطيلات التي يتعرض لها ملفي و كل محاولات التنكيل التي أتعرض لها جرّاء هذا الإختيار الذي جعلني اليوم قابعا في السجن لأكثر من شهرين حيث وقع إستنطاقي مؤخّرا من قبل السيد قاضي التحقيق لمدة أكثر من 7 ساعات كاملة تمسكت خلالها ببرائتي و دافعت خلالها عن هذا الإختيارالذي ما زلت أعتنقه و أراه عن قناعة هو الأسلم لتحقيق المصالحة الإقتصادية و تحرير المبادرة و إعادة دفع عجلة الإستثمار بالنسق العادي في إنتظار أن يرى القانون الجديد للصلح الجزائي النور قريبا على ما فيه ، في نظرنا، من هنات قد تحدّ من فرص نجاحه بالطريقة التي يريدها له واضعوه لأن تسقيف أجل دفع المبالغ المستوجبة بمدة 6 أشهر فقط مع لزوم دفع تسبقة قدرها 50 % بالإضافة إلى توظيف نسبة 10 % على مبلغ التعويض عن كل سنة من تاريخ حدوث الضرر يمكن أن يكون فيه الكثير من الشطط و الإجحاف و التعجيز لطالبي الصلح لأن الصلح في جوهره ينبني على توافق كل الإرادات و المصالح على غرار الصلح الجبائي و الصلح الديواني مثلا الذان يمكن أن يمتدّ فيهما الهامش الزمني إلى خمس سنوات كاملة و لعله كان بالإمكان تجاوز كل هذه الهنات و توفير المزيد من ممهدات النجاح للقانون الجديد لو تم توسيع قاعدة التداول في تفاصيل هذا المشروع لتشمل رجال الأعمال المشمولين و المهتمين بالصلح عوض الإقتصار على لجنة الأعراف التي تتحرك في برج عاجي بعيدا جدا عن تفاعلات الواقع .
نريد من القانون الجديد للصلح الجزائي أن يكون عمليا ، متوازنا يراعي مصالح كل الأطراف بعيدا عن عقلية الإذعان و التشفي و الإنتقام حتى يكون نصا و فعلا بوابة حقيقية لإعادة بناء جسور الثقة بين الفاعلين الإقتصاديين و الدولة و آلية واقعية لرفع الضغينة و الحقد عن رجال الأعمال.. فمالذي يمكن أن تستفيد منه الدولة و ما الذي يمكن أن تجنيه المجموعة الوطنية من التنكيل برجل أعمال إختار نهج المصالحة و إنخرط في مسار الصلح إقتناعا و طواعية لما فيه من مصلحة للبلاد وخير لكلّ العباد ..
نسأل الله لنا و لكم التوفيق و السداد ..
و لا بدّ لليل أن ينجلي ..”.
- الرسالة التي نشرها الهلال الشابي بتاريخ 11 جانفي 2024
شارك رأيك