“رسالة مفتوحة الى الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الحاصلة على جائزة نوبل للسلام
السادة :
الأمين العام لاتحاد التونسي للشغل
رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة
رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
عميد المحامين
بمناسبة إحياء الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل هذه المنظمة العتيدة التي نحفظ لها تاريخها المشرف في الوقوف ضد الظلم والاستبداد والدفاع عن الحقوق والحريات، وفي مثل هذه الظروف التي تشهد فيها البلاد انزلاقا خطيرا نحو سياسة تكميم الأفواه وتلفيق التهم وسهولة الزج في السجن والاستخفاف بحرية الفرد ،
فاننا ننتظر منكم، موقفا حازما إزاء ذلك ليس فقط لأن الدفاع عن حرية وكرامة كل التونسيين والتونسيات يدخل في صميم دوركم وتنص عليه لوائحكم وقوانينكم الداخلية ولكن لأنه من صميم مسؤوليتكم كرباعي راعي للحوار الوطني الذي وضع أسس المسار السياسي من دستور وانتخابات ومؤسسات، وقد نالت منظماتكم بفضله جائزة نوبل للسلام التي وقع الاحتفاء بها كإنجاز تاريخي لتونس بأكملها.
كما يهمنا تذكيركم أن الاختلاف في المواقف السياسية والتقييمات حول ما حصل في 25 جويلية 2021 لا يمكن بأية حال ان يكون سببا:
- لغض النظر عمْا تعرضت له البلاد من هجمة شرسة على السلطة القضائية، عبر حل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب، وإيقاف أكثر من خمسين قاضيا عن العمل وترهيب القضاة وتحذيرهم من مخالفة السلطة، الأمر الذي أدى إلى إفراغ مبدأ العدالة والأمن القانوني من كل معنى ومحتوى وجعل القضاء يعيش أسوء مرحلة في تاريخه وهذا بشهادة كل المتابعين للشأن القضائي وعلى رأسهم الجمعية التونسية للقضاة في عديد البيانات الصادرة عنها.
إننا على يقين من أنكم تدركون أهمية هذه الاستقلالية في بناء دولة القانون وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي دفع ثمن ذلك باهضا في 26 جانفي 1978. - لتوخي سياسة الصمت وإنكار الوضعية المتدنية التي وصلت إليها البلاد وإدارة الظهر للقضايا الأساسية والاعتقاد أن آلة القمع والظلم لن تنال إلا من الخصوم السياسيين فالبلاد تشهد موجة من الاعتقالات غير المسبوقة والمبنية على ملفات ملفقة وفاقدة لأدنى مصداقية وخاوية من الأدلة والبراهين المادية، وهي قضايا نالت من جميع شرائح المجتمع وطبقاتهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية فلم ولن يسلم منها أحد إذا ما تمادت على هذا النسق الجنوني. إن هذه المنظومة كلما تفاقم عجزها في حل المشاكل القائمة كلٌما زادت شراستها ووسعت من جبهاتها وكثفت من افتعال القضايا والإحالات على التحقيق والإيقافات لإزاحة كل من تراه يقف في طريقها لإعادة نظام الحكم الفردي الاستبدادي ولو كان ثمن ذلك انهيار الاقتصاد التونسي وتقسيم التونسيين من خلال خطاب التخوين والشحن الطبقي.
- للسكوت أمام المظلمة الواضحة والمتواصلة التي نتعرض لها منذ قرابة أحد عشر شهرا، واعتبار أن اعتقال قيادات سياسية لم ترتكب أى جرم ولكن لمجرد التنكيل بها واخراس صوتها أمرا عاديا وبسيطا ولا يستحق التصدي له وهو ما يخالف خياراتكم المنتهجة على مدى العشرية التي سبقت 25 جويلية 2021 برغم صعوبة المرحلة التي تلت ثورة 14 جانفي 2011 وما تستوجبه لإنجاح الانتقال الديمقراطي.
السيد الأمين العام والسادة رؤساء المنظمات إننا لا ندعو منظماتكم للاصطفاف وراء أي جهة سياسية كانت او خوض معركتها نيابة عنها، بل نحن ندعوكم فقط إلى تحمل مسؤوليتكم إزاء المبادئ التي اؤتمنتم عليها لما أعلنتم أنفسكم الرباعي الراعي للحوار والتي تداس اليوم طولا وعرضا،وذلك برفع أصواتكم عالية ضد الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له العديد من التونسيين من منظوريكم محامين ونقابيين ورجال أعمال وسياسيين تعرفونهم كل المعرفة وتعاملتم معهم من مواقع مختلفة و لمدة سنوات وعقود.
وفى الأخير وفي انتظار سماع صوت الحق وصوت المبدأ الذي لا يتجزء وصوت الماضي المجيد لمنظماتكم العريقة يملأ أرجاء هذا الوطن تفضلوا بقبول همساتنا الآتية من وراء قضبان سجن المرناقية.
تونس في 19 جانفي 2024
الإمضاء
المعتقل رضا بلحاج
المعتقل جوهر بن مبارك
المعتقل غازي الشواشي
المعتقل خيام التركي
المعتقل عصام الشابي”.
شارك رأيك