حين نكتب عن السيد رئيس الحكومة فنحن لا نتعرض للشخص بل للمنصب و حين ننتقد أداء الحكومة فنحن ننتقد سياسة السيد الرئيس قيس سعيد مباشرة و بالتحديد لأن الحكومة و ببساطة شديدة تنفذ سياسة رئيس الدولة و لذلك فكلما كان أداء الحكومة سيئا و معدوما كلما كان الرجل هو أول من يتحمل المسؤولية و يتعرض للنقد.
بقلم أحمد الحباسي
لعل هناك سؤال يحيّر المتابعين يقول لماذا يقوم السيد الرئيس بمثل الجولات التي طالت بعض مناطق الجمهورية و هل أنه من مهام سيادته و أولوياتها زيارة بعض الأحياء و معاينة كميات الأوساخ و النفايات واستغراق كثير من الجهد و الوقت في توصيف الحالة وتوزيع لوائح الاتهام من هنا و هناك دون تقديم حلول عاجلة أو القيام بسرعة بعزل كل من تحمل المسؤولية دون القيام بواجبه من كتاب عامين للبلديات (لأن المجالس البلدية وقع حلها منذ أكثر من عام من طرف سيادته) و معتمدين وولاة وسلطة أمنية محلية. لا أحد بملك الإجابة ولا أحد يريد أن يناقش هذا الموضوع باعتبار أن للمواطن مشاكل أهم و أسئلة أهم و تصورات أكبر.
بعد زيارته اول هذا الأسبوع لمنطقة المنيهلة و معاينة كل ما يحصل و حاصل فيها من جرائم ضد البيئة و من قصور مفضوح على كل المستويات وغياب تام للرقابة و للسلطة الجهوية من كاتب عام للبلدية إلى السيد والي أريانة مرورا بمعتمدية المكان فهل ستكون هناك إعفاءات و عملية غربلة واسعة خاصة و أن السيد الرئيس و كما جاء على لسانه عند هذه الزيارة من أبناء المنطقة و يعلم كل ما يحصل فيها من فساد كما جاء على لسان أحد المسؤولين الجدد بالبلدية و عليه فتح ملف الفساد على مصراعيه بعد أن فاحت رائحة التلاعب والمحسوبية و خرق القانون و تجاهل متعمد للبناء الفوضوي غير المرخص فيه أو المتحصل على رخصة بناء مشبوهة تفوح منها رائحة الرشوة و المال الملوث.
رائحة الفساد و خرق القانون
هناك من يقول طبعا إذا كانت رائحة الفساد و خرق القانون و التلاعب بنصوصه و الارتشاء و نهب المال العام جرائم يومية ترتكب على بعد أمتار فقط من منزل و مقر سكنى السيد رئيس الجمهورية فهل أن ذلك عنوان بارز لما وصل إليه حال هشاشة و هيبة الدولة ؟
كغيرها من المناطق وضعت حركة النهضة يدها السياسية الملوثة بالفساد و الإرهاب في ربوع منطقة المنيهلة و لذلك شهدت بيوت الله تغلغل أئمة الشر و التكفير و الدعوة للجهاد في سوريا كما شهدت عدة أحياء تخزين الأسلحة و تدريب الإرهابيين و وجدت لهم حاضنة من غلاة المتطرفين الذين حولوا المنطقة إلى منيهلستان لا تختلف في تصرفاتها و خطبها و لباسها عن إحدى المناطق في أفغانستان.
ربما انخفضت وتيرة تحكم حركة النهضة لكن من المؤكد لكل المتابعين أنه لا تزال هناك رموز و أشخاص و خطب وأموال و ذئاب منفردة و مشبوهين و مشتبه بهم لهم علاقة عضوية بمشروع حركة النهضة المدمر.
لا شك أنه لا تزال هناك عدة جوامع خاضعة لحركة النهضة وهي تمثل حاضنة لكل من تم استغفاله ومن يبحث عن دخول الجنة و من يرى مفاتيحها في تنفيذ عملية انتحارية كما أن هناك من استغل وجود أراض مهملة ليضع يدا عليها وضع يد المالك و يدا أخرى في يد بعض المسؤولين الفاسدين للحصول على رخصة بناء أو وعد منهم و بمقابل بكونهم لن يتعرضوا له حين يحول تلك الأراضي المنهوبة إلى مقاسم تباع بالشيء الفلاني.
هل ستطال المحاسبة كبار المسؤولين الجهويين ؟
لقد جزم السيد الرئيس بكونه مطلع بما فيه الكفاية على ملفات الفساد في بلدية المنيهلة و رأينا بأم العين كيف أكد المسؤول الجديد على رأس البلدية توجيهه لعدة ملفات فساد إلى الوزارات المعنية ليبقى السؤال معلقا في فضاء الغيب هل ستكون للسيد الرئيس هذه المرة مناسبة للضرب بيد من حديد على يد كل الفاسدين الذين عاثوا فى بلدية المنيهلة فسادا طيلة عشرية كاملة من حكم حركة النهضة؟
هل ستكون هناك محاكمة ناجزة لعشرية الفساد و هل سيمكن استرجاع الأموال المنهوبة و محاسبة كل الفاسدين على كل الرشاوي والعمولات التي تسلموها مقابل رخص البناء المضروبة؟ ما هو مصير الأراضي المستولى عليها؟ هل ستطال المحاسبة كبار المسؤولين الجهويين السابقين الذين تواطؤوا مع السلطات البلدية؟ هل سيتم فتح ملفات عديدة مثل ملف رخص سيارات النقل الجماعي و ملف غياب الأدوية من مستوصف المنيهلة؟ هل ستفعّل وزارة الشؤون الدينية و السلطة الأمنية المحلية رقابتها على المساجد؟ هل ستضع المؤسسة الأمنية خطة فاعلة و نشطة لضرب تجار المخدرات بعد أن استفحلت ظاهرة بيع المخدرات أمام المعاهد؟ كلها أسئلة تنتظر الأجوبة.
شارك رأيك