أبدأ مقالي بسؤال خطر ببالي وأنا أقر المشهد الفلسطيني والحال الذي آل إليها العرب والمسلمون، ماذا لو فكر الصّهاينة اليهود الزحف على مكة المكرمة بعد الضعف والهوان الذي ظهروا عليه في الحرب على غزة وفلسطين؟ أكانوا سينتصرون لمكة أم سيتقاعسون؟ أكانوا سيتحركون أم بالتنديد سيكتفون؟ أكانوا سينفِرون أم سيتراجعون؟
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
ماذا لو أعلن الصّهاينة أنهم قرروا الرجوع إلى خيبر ويثرب ومكة؟ أو أنهم طالبوا بإرثهم في مكة والمدينة كما يدعون، ماذا أنتم لهم قائلون؟ هل تنتظرون مجلس الأمن حتى يعقد جلسته اليتيمة للتنديد بما يفعله اليهود؟ أم ستنتظرون المحادثات والجلسات ليطْلع علينا المارد الأمريكي بفيتو يقضي على حلم المسلمين للأبد، ويقول للجميع إن من حق الإسرائيليين المطالبة بميراث أجدادهم وتراث آبائهم، وتظهر علينا أوروبا بلباسها الديمقراطي الممزّق وتقول إننا ندين الأفعال الصهيونية عفوا الإسرائيلية.
هل سيكون هناك طوفان بشري يزحف نحو مكّة للدفاع عنها أم سيظهر فقط المرابطون والمجاهدون؟ وهل سيقف العُرب والمسلمون صُمًّا وبُكمًا وعُميانًا كما شاهدناهم في غزة وفلسطين؟ والأعداء قادمون، زاحفون، يشهرون السلاح ضد كل من يتحرك من إنس وجانّ وحجر وشجر بعد أن ذاقوا لذة الهوان العربي والإسلامي، وتذوّقوا معنى الضعف العربي، فالعروبة عندنا ما هي إلا صُور وفنون، تتشدّق بها الألسن في المسارح والملاعب بجنون، أما ساحات المعارك لا يلجها إلا الجادون الثابتون.
أنظمة مقيدة بقيود الضعف والاستكانة
أكثر من أربعة أشهر و”الصهاينة” يدكّون غزة بالقنابل والصواريخ، ويقتلون الناس ولا يبالون كأنهم في حملة ضد حشرات أو بعوض، لا
يعرفون معاني الإنسانية ولا يفُون بالعهود والمواثيق، والأغرب من ذلك أن الجفون والقلوب العربية والإسلامية تتألم بشدة لهذه المشاهد وهي تصبح كل يوم على صور جثامين إخواننا تنهشها الكلاب والقطط في مشاهد مؤلمة وموجعة ينده لها الجبين وتدمع لها العين، من القتل والتدمير، والتعذيب والتنكيل، والقصف الهمجي الوحشي النازي لكنها عاجزة عن تقديم المعونة لأنها مقيدة بقيود الضعف والاستكانة والخوف التي عليها بلداننا العربية والإسلامية، فلا جامعة الدول العربية ولا منظمة التعاون الإسلامي ولا حتى الأمم المتحدة استطاعت أن توقف العدوان الصهيوني على غزة ما دام الفيتو الأمريكي بالمرصاد لكل مشروع قانون يقدم لمجلس الأمن الدولي.
وهناك بن غفير وسموتريش اللذان تعدهما أمريكا من المتطرفين لكنها لا تفرض عليهما عقوبات رغم أنهما سمٌّ ناقعٌ في دولة ما يسمى “إسرائيل”، ومن ورائهما جيشٌ من المستوطنين، ينتظرون إشارة من سياسِيهم ليعبثوا بالفلسطينيين كيفما شاؤوا ومتى شاؤوا وربما سيحصلون على ضوء أخضر من الدولة الامبريالية المستعمرة أيضا إذا أرادوا الفتك بالمسلمين في الأقصى ومكة المكرمة.
فهؤلاء ملة واحدة يرفضون وقف الحرب إلا بشروط منها أن تستسلم حماس وتخضع لما يُملى عليها من بنود، وهمهم الأول والأخير إنقاذ الرهائن وتحريرهم، وكل منهم يغنّي على ليلاه، فبايدن يريد الأمريكيين الستة الرهائن أحرارا ليزيد من الأصوات في الانتخابات القادمة، ونتنياهو يريد تمديد الحرب ليبقى على كرسي رئاسة الوزراء، وسموتريش وبن غفير يريدان العبث بالفلسطينيين وطردهم من أرضهم لتحقيق ما يسمىعندهم بأرض الميعاد.
أما العرب والمسلمون وحدهم الذين يعيشون بلا هدف من وراء هذه الحرب إلا الفرجة والتنديد يردّدون عبارات جوفاء تحمل عدة معان، يفهمها العرب بلغتهم ويفهمها الصهاينة بخفّتهم.
وعودا للموضوع الذي بدأنا به المقال، وربما كرّره عديدون ممن يطرحونه أن مثل هذا السيناريو لو حدث، ما أنتم فاعلون أيها العرب والمسلمون؟ لو زحف اليهود على مكة هل ستدافعون عنها أم ستبقون متفرجين كعادتكم تنتظرون؟ إن الشرارة الأولى وإن كانت صعبة الحدوث لكنها غير مستحيلة أمام ما يحدث اليوم في غزة، فلو واصل اليهود في غيّهم وجبروتهم سيظهر جيش محمد اليوم أو غدًا، وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون، ولن يستمرالحال على ما هو عليه، فدوام الحال من الحال كما يقولون.
شارك رأيك