في تدوينة نشرها مساء اليوم الأربعاء 28 فيفري على حسابه الرسمي بصفحات التواصل الاجتماعي تحت عنوان “أسلحة فتاكة لا بد من سحبها”، وضع سامي بن سلامة ، عضو سابق في هيئة الانتخابات الأجواء السياسية في اطارها و تونس تستعد لتنظيم الانتخابات الرئاسية في خريف 2024… و في ما يلي تحليل بن سلامة للوضع الانتخابي في تونس تحت حكم الرئيس قيس سعيد:
•أسلحة فتاكة لا بد من سحبها•
لا تتحدث المعارضة التونسية بمختلف تنويعاتها عند طرح موضوع الانتخابات الرئاسية إلا عن المشاركة (بدون توضيح طرق ذلك ولا أدواته) أو مقاطعة الانتخابات (بدون تقدير الموقف بما يقتضيه من عناية).
ومع أنني أرجح أنها إن لم تؤجل إلى أجل غير مسمى، فسيتم “تنظيمها” أو بالأحرى “ترحيلها” إلى نوفمبر القادم للإستفادة من التفات أنظار العالم للإنتخابات الرئاسية الأمريكية خصوصا وأن الوحيد الذي يعلم موعدها يخوض حملة انتخابية استباقية متواصلة ولا تخطئها العين منذ عدة أشهر.
على أن الواقع يخبرنا اليوم أن أدنى شروط المشاركة الناجعة غير متوفرة.
إذ يتمتع مرشح السلطة بأسبقية واضحة تفسد قواعد اللعبة وتضرب مبدأ المساواة.
- فهنالك هيئة انتخابات انحرفت عن دورها في دعم الديمقراطية وضمان التداول السلمي والدوري على السلطة وأضحت في مخالفة لكل الضوابط تلعب دور العصا غليظة للسلطة لقمع معارضيها وإرسالهم للمحاكم والسجون.
- ولدينا مرسوم قاتل للحريات كالمرسوم عدد 54 يمثل سيفا مسلطا على رأس كل من يعبر عن رأيه فما بالكم بمن يتجرأ على الترشح.
- يمتلك مرشح السلطة سلاحا رهيبا وهو القدرة على تغيير القانون الانتخابي ومختلف القوانين الأخرى في أية لحظة لتدعيم أسبقيته غير المقبولة والضاربة للتوازن والمهلكة لأي مسار انتخابي.
4.أما القضاء فتحت السيطرة وعلامات ذلك تتوضح يوما بعد يوما. - يعيش الإعلام من ناحيته فترات أزمة خانقة وأغلبه تحت الطلب إذ لم يعد قادرا على مواجهة ٱلة خنق الأصوات الرهيبة.
ولا يمكن بدون نزع هذه الأسلحة الفتاكة من بين أيادي مرشح السلطة والمتمثلة في نقاط الأسبقية غير المستحقة الخمسة هذه انتاج انتخابات ذات مصداقية.
هذا ما يجب على المعارضة بصفة عامة التركيز عليه كشرط مبدئي لعدم التهديد بالمقاطعة.
لكن ما نلاحظه جميعا هو غياب القدرة على الاستباق لدى جل “المعارضة التونسية” حيث رفضت مختلف الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المكونة لها والمجتمعة سنة 2022 في إطار أحد منتديات تجميعها مقترحنا الوجيه بسرعة تنظيم انتخابات تمهيدية لاختيار مرشح موحد للرئاسية المقبلة.
لم ير أحد وجاهة في اقتراح كان يحل نصف المشكل ويعبد الطريق لمشاركة فاعلة، إذ لكل حساباته الشخصية في الترشح وتكبد هزيمة مذلة كالعادة.
ما يعنيني اليوم وفي غياب مرشح موحد يقف أمام مرشح سلطة منفلتة من عقالها هو كذلك عدم توفر رؤية للتهديد بمقاطعة مرتبة وناجحة إن تم الإتفاق على هذا الخيار.
وأعني بالمقاطعة الناجحة تلك التي يكفل التهديد بها سحب البساط من تحت “ماكينة” السلطة ويجعل من أولوية تحييد هيئة الانتخابات وإلغاء الفصل 24 من المرسوم عدد 54 والامتناع عن تغيير القانون الانتخابي في ٱخر لحظة لصالح مرشح السلطة أمورا تفرض نفسها كشرط من شروط عدم مقاطعة الانتخابات وعدم التنديد بها. بحيث يجعل ذلك من التصميم على مقاطعة الترشح مبدأ عاما للجميع فيما عدى من يرتضي لنفسه دور الكومبارس.
إن هدف المقاطعة هو التسبب في جعل أرقام المشاركة الشعبية المتدنية في النهاية ورقة “تاريخية” للتأثير على المستقبل ومنع انحراف الحكم إلى مزيد من الاستبداد والتلاعب بالقوانين وبمستقبل البلاد والعباد.
على أن المقاطعة بما تحمله من إضعاف لمشروع 54 جويلية (أملك حقوق التأليف في بلد لا حقوق فيه) قد لا تكون الورقة الوحيدة التي يجب استغلالها لفرض مبدأ الرجوع إلى مسار الديمقراطية واحترام الحريات.
فهنالك طرق أخرى من أهمها ما يسمى بالتصويت الأبيض.
وهو الذي يتمثل في تحول الناخب إلى مكتب الإقتراع ووضع بطاقته في الصندوق بعد تركها بيضاء بدون اختيار مرشح معين.
والتصويت الأبيض يقتضي مشاركة نشيطة في الانتخابات وقد يرفع من نسب المشاركة ولكنه تعبير عن الإحتجاج وعلى عدم الاختيار وعن الإعتراض على جميع المرشحين.
لا يسمح القانون التونسي حاليا باحتساب التصويت الأبيض بانفراده وذلك بقرار من الترويكا الحاكمة في القانون الانتخابي التي وضعته سنة 2014. وكان ذلك بعدما اعتمدته الهيئة المركزية لهيئة الانتخابات التاريخية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 في احتساب الحاصل الانتخابي وأدى إلى خسارة قائمة النهضة في دائرة تطاوين.
وأصبحت الأوراق البيضاء منذ انتخابات 2014 تحتسب مع الأوراق الملغاة مع أنها تعبير عن موقف سلبي بطريقة نشطة.
تلغى الانتخابات في بعض البلدان عند تجاوز الأوراق البيضاء نسبة معينة (ثلث الأصوات) كما في البيرو على ما أتذكر.
وتمثل بالتالي سلاحا ناجعا بين أيادي المحتجين.
يمكن تحويل الأوراق البيضاء والملغاة في حالتنا إلى سلاح فعال ضد كل من يسعون إلى اختصار الوطن في أشخاصهم ومشاريعهم الفردانية العاجزة عن الاستجابة إلى متطلبات وضعنا الحالي ومستقبلنا”.
شارك رأيك