يهتمّ المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة) في سياق تنظيمه للأنشطة الفكريّة الأسبوعيّة بتنظيم لقاءات حواريّة حول المؤلّفات العلميّة والفكريّة والإبداعيّة المختلفة، وفي هذا الإطار استضاف قسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بالمجمع يوم الثلاثاء 19 مارس 2024 الكاتبة فوزية الحشايشي تريمش لتقديم ومناقشة ما ورد في كتابها Humanisme moderne. Nouvelle orientation pour un avenir meilleur الصادر سنة 2022.
افتتح اللقاء بمقر المجمع في قرطاج حنبعل رئيس القسم الدكتور عبد الحميد هنيّة بتقديم موجز حول مسيرة الكاتبة بوصفها باحثة متخصّصة في اللغة والحضارة الالمانيّة، ثمّ تولى الأكاديمي محمّد محجوب تقديم محتويات الأثر الجامعة في نظره بين المقاربات الفلسفيّة، والبعد التاريخي، والتحليل السوسيولوجي لأنّ المؤلّفة تناولت في مؤلّفها مرجعيات ومسارات الحداثة في السياقات التاريخيّة، وفي الثقافات المختلفة، منطلقة من مدارس فكريّة، ومن تجارب متنوّعة اقتناعا منها بأنّ “الإنسانيّة هاجس الإنسان بقطع النظر على ثقافته وعقيدته وحضارته” لأنّها “تأسّست على مشروع ثقافي منفتح” ضد قيم الانغلاق.
كما أبرز الدكتور محمّد محجوب الطابع الإشكالي للعالم الحديث قائلا في هذا الصدد “الراهن إشكالي بالضرورة”، مبيّنا راهنيّة محتوى الكتاب نظرا إلى ما يشهده العالم من أحداث تؤكّد مدى حاجة الإنسانيّة إلى المصالحة مع الفلسفات والقيم التنويريّة، تلك التي اختزلتها الكاتبة في قيم “التعايش المشترك” و”الضيافة” و”الحوار بين الثقافات” و”الصداقة” مستلهمة هذه القيم من المشاريع الفلسفيّة التنويريّة مثل هيغل وكانط وجميع الأطروحات الفكريّة الكونيّة المسلّمة بمقولة “الإنسان في الفكر الإنساني هو الغاية في حدّ ذاتها” شريطة ألاّ تبقى هذه المقولات سجينة الشعار نتيجة لهواجس الهيمنة ومنطق البراغماتيّة دون سلطة “الإيتيقا”.
عموما تظلّ الإشكاليّة متصلة بالقوى النافذة التي تتباهى بالتقدّميّة، وبمظاهر التحديث، وتمارس أشنع مظاهر التوحّش، وتردّد خطاب الحوار وتمارس في آن واحد الأحاديّة، لذلك يشترط النزوع الجدي نحو المستقبل الأفضل السعي الحقيقي نحو قيم كونيّة مؤمنة باستحالة تجذير النزعة الإنسانيّة إن سادت رغبة الهيمنة وبناء الأنا على حساب الغيريّة.
شارك رأيك