تحت هذا العنوان نشر المرصد الاجتماعي التونسي التقريرالتالي حول تصاعد وتيرة الاحتجاج في تونس في شهر مارس 2024 بنحو 11% وخاصة منها الاعتصامات.
شهد شهر مارس 2024، تصاعدا في نسق الاحتجاجات، ليعرف 179 تحركا اجتماعيا، أي بزايدة بنحو ال 11% مقارنة بشهر فيفري. ورغم تزامن الجزء الأكبر منه مع شهر رمضان اتجه منسوب المطلبية فيه نحو الارتفاع، وكانت الاعتصامات أهم وسائل الاحتجاج التي اعتمدها الفاعلون/ات، وذلك بمعدل 76 اعتصاما تعددت أسبابها ومطالبها. لتأتي الوقفات الاحتجاجية في مرتبة ثانية ب41 تحركا يليها النداءات عبر وسائل الإعلام التي تم اللجوء إليها في نحو 35 مناسبة. ومن المهم التنبيه الى ان النداءات والبيانات قد بدأت تدريجيا تتحول الى قناة مطالبة اساسية للفاعلين الاجتماعيين، لتاخذ من شهر إلى آخر حيزا أكبر ضمن الأشكال الاحتجاجية المعتمدة.
تضييق حول مساحات الاحتجاجات
والأغلب انه وأمام ما لحق الفاعلين/ات من ملاحقات قضائية وهرسلة خلال السنوات الأخيرة ومع ما تعرفه مساحات وفضاءات الاحتجاج من تضييق، تحولت وسائل الإعلام الى فضاء أساسي للتنديد والتعبير عن الغضب والسخط وعدم الرضا. ولتعكس في الآن نفسه قدرة هائلة لدى الفاعلين/ات الاجتماعيين على تغيير أشكال وآلياتهم الاحتجاجية. والسعي إلى إيصال اصواتهم بطرق جديدة إلى السلطة القائمة علها تجد طريقها إلى التحقيق.
وعاد خلال شهر مارس مطلب الحق في الشغل وتسوية الوضعيات المهنية ليحتل صدارة المطالب المرفوعة من قبل المحتجين/ات. فشكلت مجتمعة أكثر من 40% من الاحتجاجات. كما كشفت خارطة التحركات المرصودة، عن مؤشرات قوية لعودة احتجاجات العطش التي قد تتفاقم باتجاهنا نحو أشهر الصائفة، ومثلت نحو ال 18% من الاحتجاجات المسجلة وتعلقت في غالبيتها بمشكل انقطاعات غير معلنة للماء الصالح للشراب تواصلت في عدد من الأحياء ومناطق من ولايتي قفصة ونابل لأكثر من 24 ساعة متواصلة.
وشهدت ولاية قفصة 46 تحركا مطلبيا وهو العدد الأكبر من احتجاجات شهر مارس، يليها في ذلك ولاية تونس العاصمة ب 45 تحركا، وتأتي بعدهما كل من ولاية سوسة ب14 تحركا وولاية بنزرت ب13 تحركا.
تحركات دورية من أجل فلسطين
وتواصلت التحركات المطالبة بتجريم التطبيع والمساندة للقضية الفلسطينية، والمنددة بالاحتلال الصهيوني والإبادة والتقتيل الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في غزة وسط صمت من المجتمع الدولي. فواصل التونسيون والتونسيات المشاركة باعداد واسعة في تحركات دورية سجل أبرزها يوم 30 مارس الموافق لذكري الاحتفال بيوم الأرض.
وكان السكان في طليعة المحتجين، وتعلقت مطالبهم بظروف معيشية أفضل وبحقوقهم الأساسية مثل الحق في الماء والحق في الخدمات الصحية الجيدة وتحسين البنية التحتية وتوفير المواد وتعديل الأسعار والحق في بيئة سليمة.
ومثلت مقرات العمل أبرز الأماكن التي احتضنت التحركات الاحتجاجية حيث نفذت أغلب الاعتصامات بمقرات إدارية، تليها وسائل الإعلام عبر نداءات الاستغاثة التي أطلقها فاعلون عدة داعين المسؤولين إلى التدخل، فيما تراجعت شركة فسفاط قفصة إلى المرتبة الثالثة بعد أن أفتكت الصدارة لأشهر متتالية.
أغلب التحركات التي ميزت شهر مارس تم التحضير لها مسبقا حيث نفذ 135 احتجاجا منها بشكل منظم، أما ال 44 البقية فقد خاضها الفاعلون/ات بشكل تلقائي. وعرف شهر مارس احتجاجا نسويا وحيدا خاضته نساء المظيلة من أجل مطلب الحق في الماء الصالح للشرب تزامنا مع اقتراب الموسم الصيفي.
وسجل شهر مارس 9 حالات انتحار ومحاولات الانتحار، مسجلا بذلك تراجعا بأكثر من النصف مقارنة بالشهر السابق. ونفذت أغلب الحالات بفضاء السكن وأدت في غالبيتها إلى الوفاة. وتصدرت ولاية القصرين الترتيب ب6 حالات، يليها في ذلك المنستير بحالتين وقابس بحالتين. وشهد مارس انتحار ل 3 تلاميذ و4 من فئة الشباب وانتحار لكهل وحالة انتحار لعامل. وسجلت 6 حالات انتحار في صفوف الإناث، مقال 3 في صفوف الذكور.
تفاقم مؤشرات أحداث العنف
ولم تتغير مؤشرات أحداث العنف بالمقارنة بالاشهر السابقة، واحتل العنف الاجرامي الصدارة، وكانت هدف الاعتداء والتهديد أحد أكثر أنواع الإيذاء انتشارا والتي أدت معظمها إلى القتل او محاولة القتل وذلك باستعمال السلاح الأبيض (السكين). وكانت سوسة أكثر الولايات تسجيلا لأحداث عنف يليها في ذلك تونس فنابل فولاية أريانة والقيروان. ومثل العنف الفردي النسبة الأكبر من الأحداث المرصودة. ودار الجزء الأكبر من العنف الجماعي في الفضاءات العامة والشارع، يأتي بعدها الفضاء الخاص وهو المسكن فيما تقدمت المؤسسات التربوية لتكون الفضاء الثالث من حيث الأماكن التي شهدت أحداث عنف خلال شهر مارس وهو ما يؤشر عن عودة قوية للعنف المدرسي.
شارك رأيك