في البيان التالي الذي أصدره بمناسبة الزيارة التي تؤديها رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى تونس، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يدعو إلى إيقاف الانتهاكات التي تطال المهاجرين التونسيين في إيطاليا.
“نحن بحاجة إلى مراقبة الأمور عن كثب ولهذا السبب أحتاج إلى الحكومة بأكملها. يمكنني أن أتصور “نموذجاً كايفانو” لشمال أفريقيا، سواء من الناحية العملية أو من الناحية الإعلامية، خاصة بالنسبة لتونس وليبيا”. [1]
هكذا صرحت رئيسة الحكومة الإيطالية في اجتماع مجلس الوزراء، لتواصل وصم الأراضي التونسية بالمناطق الخاضعة للجريمة المنظمة كما في كايفانو[2]. يجسم السفير الايطالي بعض ملامح هذه الاستراتيجية عبر لقاءاته بمختلف الوزراء والمسؤولين. حيث التقى منذ مباشرته لمهامه 17 وزيرا في أقل من شهرين[3].
لا تنظر ميلوني لتونس الا كنقطة حدودية متقدمة تستوجب تعزيز القبضة الأمنية لإيقاف عمليات الوصول إلى إيطاليا مهما كانت الكلفة الإنسانية. وتحتاجها اليوم كورقة انتخابية في إيطاليا وأوروبا لتسويق نجاح أنموذج التعاون مع تونس لإيقاف الهجرة.
“لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه بعضهم ويخفيه البعض الآخر، لا يمكن أن نكون حرسا لدولهم”… هكذا صرّح رئيس الجمهورية في زيارته لمدينة صفاقس في جويلية 2023. في حين تضخّ الحكومة الإيطالية أموالا تحت مشاريع ومسميات عديدة لتتحول تونس لمصيدة للبشر المتنقلين نحو الضفة الشمالية.
إثر اجتماع أمني لخبراء رفيعي المستوى من تونس وإيطاليا عقد في تونس بتاريخ 30 أكتوبر 2023 جدّدت السلطات التونسية طلبها للحصول على الدعم المالي لسداد قيمة الوقود للوحدات البحرية العاملة في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية وتمّ لذلك تخصيص مبلغ بقيمة 9 مليون أورو (4,5 مليون أورو لسنة 2024 و 4,5 مليون أورو لسنة 2025) [4] استجابة لهذا الطلب.
كما تم تخصيص 4.8 مليون يورو لتجديد ونقل 6 وحدات بحرية مستخدمة من قبل الحرس المالي الإيطالي إلى الحرس البحري التونسي[5]. بفضل هذا الدعم السخي أعاد الحرس البحري التونسي 14562 مهاجرا إلى الأراضي التونسية بعد اعتراضهم في البحر وذلك من 1 جانفي الى 15 أفريل 2024[6] وذلك لم يمنع الموت على السواحل الذي بلغ 197 ضحية ومفقودا.
كما أنّ كرامة وحقوق المواطنين التونسيين في إيطاليا تبقى على هامش هذه اللقاءات. منذ 2016 سيّرت إيطاليا نحو تونس أكثر من 500 رحلة شارتر لطرد المهاجرين التونسيين (غير معلنة من الجانب التونسي).
لا يزال المواطنون التونسيون يمثلون الجنسية الرئيسية المحتفظ بها في مراكز الترحيل الإيطالية والتي يتم طردها قسرا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي أدان الحكومة الإيطالية على خلفية ترحيل مهاجرين غير نظاميين في البند الثالث حول المعاملة اللاإنسانية والمهينة والبند الخامس حول الحق في الحرية والأمن والبند الرابع حول الترحيل القسري الجماعي[7].
يتعرض المهاجرون التونسيون في إيطاليا منذ وصولهم الى فرز على الهوية وانتهاكات ممنهجة في مراكز الاحتجاز من عنف جسدي ونفسي وحرمان من الحقوق وحالات موت مستراب وحرمان من الحق في الحماية الدولية.
ان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
- يجدد الدعوة الى وقف مسارات التعاون غير العادل في قضايا الهجرة والتي جعلت حقوق وكرامة مواطنينا في إيطاليا وحقوق وكرامة المهاجرين في تونس في مزاد الدعم المالي والسياسي وفي المزاد الانتخابي.
- يدعو إلى إيقاف الانتهاكات التي تطال المهاجرين التونسيين في إيطاليا من حجز وترحيل قسري جماعي على الهوية ومن إهانات وحالات موت مستراب.
- نرفض جعل سياسات وقوانين وممارسات الأمر الواقع ضد المهاجرين في إيطاليا وتونس نموذجًا يحتذى به، وندين ذلك ونطالب بسياسات بديلة وحلول مستدامة تحمي الحقوق.
- لن يكون قادة أوروبا الحاليين وخاصة رئيسة الحكومة الإيطالية شركاء موثوقين وهم ينتصرون للمقاربات العنصرية وللإبادة الجماعية في البرّ كما في البحر.
هوامش :
[1] Piano Mattei, Meloni vuole un “modello Caivano anche in Libia e Tunisia. Andiamo là e facciamoci sentire vicini” – Il Fatto Quotidiano
[2] بلدة تقع في ضواحي نابولي مشهورة بكونها تحت سيطرة المافيا المحلية ومسرحاً لجميع أنواع الانتهاكات، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والعنف والسلاح وتصفية الحسابات.
[3] سلم السفير اوراق اعتماده لرئيس الجمهورية يوم 7 فيفري 2024 قام باللقاءات التالية يوم 2 افريل لقاء مع وزير الدفاع يوم 26 مارس لقاء مع وزير الداخلية يوم 20 مارس لقاء مع وزيرة التجهيز ووزيرة النقل بنيابة يوم 20 مارس لقاء مع وزيرة المرأة والطفولة وكبار السن يوم 15 مارس لقاء مع وزير التعليم العالي ووزير الثقافة بنيابة يوم 13 مارس لقاء مع وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم يوم 13 مارس لقاء مع وزير الشباب والرياضة يوم 13 مارس لقاء مع وزير السياحة يوم 12 مارس لقاء مع وزيرة الاقتصاد والتخطيط يوم 12 مارس لقاء مع وزير تكنولوجيا الاتصال يوم 8 مارس لقاء مع وزير الشؤون الدينية يوم 8 مارس لقاء مع وزير الفلاحة يوم 6 مارس لقاء مع وزير النقل يوم 5 مارس لقاء مع وزير التربية يوم 5 مارس لقاء مع وزيرة المالية يوم 29 فيفري لقاء مع وزير الشؤون الاجتماعية.
[4] https://www.poliziadistato.it/statics/41/decreto-protocollato.pdf
[5] https://www.poliziadistato.it/statics/48/3.-decreto-approvazione-gdf_firmato.pdf
شارك رأيك