في البيان التالي الممضى من طرف رئيستها نائلة الزغلامي الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعبر تضامنها غير المشروط مع رئيستها السابقة بشرى بالحاج حميدة كما تعبر عن انشغالها العميق لما “آلت له أوضاع الحريات من تردي وغياب تام لمعايير المحاكمة العادلة واستقلالية القضاء”.
نحن مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات المجتمعات بصفة طارئة في هيئة موسعة بعدما أطلعتنا هيئة الدفاع التابعة للجمعية على ما تضمنه قرار ختم البحث فيما يسمى بقضية التآمر على أمن الدولة نعبر عن انشغالنا العميق لما آلت له أوضاع الحريات من تردي وغياب تام لمعايير المحاكمة العادلة واستقلالية القضاء. وقد ختم البحث بتوجيه تهم تتعلق بالإرهاب والتآمر وارتكاب فعل موحش في حق رئيس الجمهورية وغيرها من التهم التي تصل عقوبتها حد اﻹعدام لأربعين شخصية سياسية وحقوقية تونسية. وقد راع مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ما تأكد من إشاعات بتوجيه هذه التهم وغيرها إلى رئيستها السابقة والمؤسسة بشرى بالحاج حميدة.
لقد حذرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في السابق من مغبّة إقحام اسم رئيستها السابقة، المناضلة بشرى بالحاج حميدة في هذا الملف الذي أعد في الغرف المظلمة للتنكيل بكافة العائلات السياسية وإفراغ الساحة والمشهد من كل خصم سياسي محتمل للرئيس حتى يواصل ما بدأه منذ 25 جويلية 2021 من انتقام من كل الذين واللواتي عارضوا بأي شكل من اﻷشكال السلمية إلغاء العمل بدستور2014 والتراجع عن مكتسبات الديمقراطية وحرية التعبير وغياب مقومات دولة القانون والمؤسسات، وهو ما زادت قناعتنا به بعد الاطلاع على ختم الأبحاث ووقوفنا على العبث الذي بلغناه في وضعية القضاء الذي يفتقد لكل المعايير الدنيا للاستقلالية.
وفضلا على التلاعب الصارخ بإجراءات وبأبسط قواعد المحاكمة العادلة، لم تكلف السلطة السياسية التي أطلقت يديها على القضاء، نفسها حتى مشقة تقديم أي أسانيد فعلية أو قانونية قد تفضي إلى اتهام بشرى بالحاج حميدة أو غيرها ممن زج بهم في هذا الملف، ما يثبت أي مآخذ قانونية ضدها. بل اكتفت أعمال البحث بعناصر من قبيل حصولها على وسام استحقاق فرنسي، وهو استحقاق حصلت عليه قبلها مئات التونسيين والتونسيات، وقد بنت عليه السلطة تهما واهية هي براء منها.
بشرى بالحاج حميدة التي نذرت حياتها للدفاع عن الحريات العامة والفردية والمساواة في كل الفضاءات وفي مختلف الحقبات، كعضوة بأوّل برلمان منتخب بعد الثورة ساهمت مساهمة فعالة في تحقيق عدة مكاسب ولعل أهمها المصادقة على القانون الأساسي 2017-58 والمتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء والأطفال.
كما توجت مسيرتها النضالية والمهنية بترأس لجنة الحريات الفردية والمساواة اعترافا وتقديرا لكل ما قدمته على مدى أكثر من أربع عقود حصلت خلالها على تكريمات شعبية ومؤسساتية في الداخل والخارج. وإذ نعتز بكل إسهاماتها الحقوقية والنسوية من أجل الدولة المدنية والمساواة، نذكّر بأن المناضلة بشرى بالحاج حميدة قد انسحبت من النشاط الحزبي منذ مغادرة البرلمان في 2019 واكتفت بالتواجد في الحياة العامة كناشطة من أجل الديمقراطية وحقوق النساء واﻹنسان كما عهدناها منذ الثمانينات. أما المغانم المالية التي تُنسب لها دون دلائل فتلك ادعاءات مخزية تندرج ضمن حملة شيطنة مبيّتة لنشر الضغينة والفتنة وتأليب الرأي العام ضد كل من حمل مشروعا مجتمعيا تقدميا ديمقراطيا.
وكما نستنكر إدراج صديقتنا ورفيقتنا ضمن قائمة المتهمين في حالة فرار والحال انها لم تتلقى أي استدعاء قانوني، فإننا نستغرب اتهامها بالإرهاب والتآمر وهي التي عرفت منذ الثمانيات بنضالها السلمي والحقوقي ومعارضتها الشديدة لعقوبة الإعدام، ثم كانت من بين المهددين بالإرهاب، نتفاجأ باتهامها اليوم بجرائم خطيرة تصل عقوبتها حتى الإعدام، تلك العقوبة التي طالما عارضناها ونبّهنا إلى أن اﻹبقاء عليها ليس إلا لمآرب سياسية كعصا تستعملها كل الديكتاتوريات للتنكيل بخصومها وترهيب المجتمع. وما يزيد التحقيق غرابة وعبثية، وجود فقرة في تقرير ختم الأبحاث تبرئ بشرى بالحاج حميدة وتنفي عنها كل التهم لغياب الحجج والقرائن التي تفيد ارتكابها لأفعال مجرّمة ما يفترض حفظ التهم الموجهة إليها ثم يتم بعدها توجيه سبعة عشر تهمة لها ما يؤكد تخبط القضاء وتضارب التعليمات التي تصله في وقت يتم فيه التنكيل بكل القضاة الذين يحاولون الحفاظ على شيء من الاستقلالية.
بالنظر إلى ما سبق، يهم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أن تعلن عن:
· افتخارها بمسيرة المناضلة بشرى بالحاج حميدة ومساهمتها سابقا ولاحقا في تكريس المساواة والحريات واعتزازها بكل التكريمات الشعبية والمؤسسية الداخلية والخارجية التي ما هي إلا اعتراف قليل بنضالها ضد كل أشكال الهيمنة والقمع والظلم والتمييز.
· تضامننا غير المشروط مع رئيستنا السابقة بشرى بالحاج حميدة انطلاقا من مقاربتنا النسوية التي أسسناها على مبدأ التضامن مع كل ضحايا الاستبداد السياسي والحيف الاجتماعي ونعلن استعدادنا التام للدفاع القانوني والنضال الحقوقي بكل الوسائل التصعيدية ذودا عن حريتها ومن أجل عودتها إلى أرض الوطن سالمة، كريمة، معافية، ناشطة كما عهدناها في مجال الحقوق والحريات ومدافعة شرسة عن المساواة.
· مطالبتنا بوضع حد للإيقافات والاتهامات الواهية ضد كل رأي مخالف أو معارض وحفظ كل التهم الباطلة ضدهن وضدهم وإعادة النظر في قرار ختم البحث فيما بات يسمى بقضية التآمر لما احتواه من تناقضات وادعاءات تمس من مصداقية المؤسسة القضائية ونزاهتها.
· رفضنا وتنديدنا بالمحاكمات السياسية التي تستهدف الناشطين والناشطات السياسيين والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان لعزلهم.ن عن المجتمع واستبعادهم.ن عن ساحات النضال الديمقراطي والحقوقي والاجتماعي، ورفضنا لتواصل الهرسلة ضد المئات من التونسيات والتونسيين الذين وراء القضبان وفي المنافي والمهجر وشجبنا لمحاكمات المعارضين والمعارضات دون توفر شروط المحاكمة العادلة ورفضنا استعمال القضاء لمآرب سياسية.
· استعدادنا التام للدفاع القانوني والنضال عن قضاء مستقل وعن دولة القانون والمؤسسات وعن حياة سياسية تعددية تكفل وجود معارضة فعلية تتمتع بالحق في العمل السلمي الحر دون قيود أو ملاحقات لحرية التعبير والتنظم.
· دعوتنا كل المنظمات النسوية والحقوقية والاجتماعية والشبابية والثقافية لاستيعاب خطورة اللحظة العصيبة التي تمر بها بلادنا وللوقوف الحازم متضامنات ومتضامنين في وجه التسلط الذي بات يهدد استقرار تونس ووحدة التونسيات والتونسيين.
بيان
شارك رأيك