بقي للإنتخابات الرئاسيّة بضعة أشهر ان كتب لها أن تقع… شكوك جمة حول وقوعها و حتى حول كيفية وقوعها في ظل تشنج سياسي من كل حدب … حول موضوع الانتخابات ككل، كتب محسن مرزوق ما يلي تحت عنوان: ” الإنتقام و لعنة الكرسي في تونس”:
“يجب أن نعترف: من وقت بعيد حتى اليوم، تاريخ التداول على السلطة في تونس، تاريخ مظلم، لانه قائم على الثأر والانتقام.
هيا شدّ عندك من تاريخنا الحديث، موش لازم نمشيو بعيد:
⁃ محمد الامين باي غَدَرَ بولد عمه الباي الشرعي سيدنا المنصف باي الذي عزله وأهانه ونفاه الاستعمار الفرنسي. فوافق أن يجلس على العرش عوضا عن الباي المظلوم. آش كان مصير الامين باي؟ المجلس التاسيسي التونسي بقيادة الزعيم بورقيبة أقام الجمهورية وعزله واهانه ومات وحيد معزول مهان فقير، أسوأ حتى من مصير المنصف باي.
⁃ وماذا كان مصير الزعيم بورقيبة الذي انتقم من الامين باي ؟ عزله بن علي بانقلاب طبي رغم هالة زعامته. ووجد نفسه يعيش ال13سنة الاخيرة من حياته وحيدا، أسيرا.
⁃ وبن علي الي عمل ما عمل في بورقيبة بما فيها في جنازته، آش صار ليه؟ هرب من السلطة والبلاد ومات ودفنوه خارج وطنه، وتمرمد هو وعائلته .
⁃ والرئيس الي تنصب بعد الثورة، المنصف المرزوقي. جات مجموعة اخرى “ثورية” أكثر منه اعتبرته خائن ومتآمر وتحكم بالحبس وهارب هو الان كيف بن علي بالضبط.
يعني دائرة ملعونة بدعاء الشرّ من الانتقام والثأر. والي منعوا منها فقط الرؤساء الانتقاليين خاطر لا ثأروا لا انتقموا. عملوا مدة متاعهم ومشاو.
⁃ وحاليّا مساحة الظلم الي صاير والتناحر الجاري كبيرة برشة يعني أنه منسوب الانتقام والثأر الجاي باش تكون كارثية وتتواصل المأساة الحزينة على بلادنا المنكوبة بهذه اللعنة المقرفة.
متى ستنتهي هذه الدائرة الملعونة؟ لا ينتهي الثأر الا إذا صار بطن الانتقام عاقرا. وهيمن القانون العادل الواضح على الغرائز المنفلتة. ستنتهي وقت يعرف أيّ ماسك بالسلطة انه موش فرعون أبدي أو وحش غابة…وأنه اذا مارس يوما انتقاما سيكون هو ضحية انتقام قادم.
يلزم نعترف أنه تاريخنا السياسي غير متحضّر بدائي غرائزي عنيف (حتى وان ما كانش دموي كيف دول اخرى ) موش كان في مستوى رأس السلطة فقط بل في الثقافة السياسية (يمكن العربية) بكلّها، رغم أسطورة أننا معتدلون ومتسامحون.
واذا لم نتغلب على هذه النوازع لن نتقدم أبدا…. إلا إلى الوراء.
ملاحظة: اللوحة المرفقة هي للرسام الاسباني الشهير قويا. وتمثّل الكائن الاسطوري اليوناني كرونوس (زحل) الذي كان يأكل أبناؤه لان نبوؤة قالت أن أحد أبنائه سيزيحه من السلطة.
وحديثنا قياس”.
شارك رأيك