يفسًر البعض ضعف اهتمام الرأي العام التونسي بمجريات القمًة الثلاثيًة التونسيًة الجزائريًة الليبيًة الدائرة بتونس بعدم الاقتناع بجدوى و مخرجات هذه المبادرة الدبلوماسيًة التي ترمي ظاهرا الى بعث اتحاد مغاربي بديل بإقصاء المغرب.
إلياس القصري
عدم الاقتناع هذا يشبه العزوف الذي قوبلت به المحطًات الأخرى تحت الرئيس قيس سعيد سوى في المجال الديبلوماسي كالشراكة الاستراتيجيًة مع الاتحاد الأوروبي التي بقيت حبرا على ورق أو، على المستوى الداخلي، الاستشارات والانتخابات التي قوبلت بنسبة عزوف عالية جدًا.
يبدو جليًا، حسب عديد المتابعين للشأن الوطني، أن الشعب التونسي، الذي أرهقه التضخًم و البطالة و قلًة الموارد و هشاشة الخدمات الاجتماعيًة والبنية التحتيًة، لا يثق في المناورات الدبلوماسيًة التي تتطلًب مزيد الدراسة والتمحيص، ولا ينخرط في أغلبيًته الساحقة في البناء السياسي الذي لا يعدً من الأولويًات الحياتيًة لشعب ينحدر يوما بعد يوم في التشاؤم و الهشاشة و مظاهر توطين الأجانب و تحويل تونس إلى فلسطين جديدة.
من ناحية أخرى، يبدو شعار وحدة المصير رنًانا و مغريا رغم قدمه إذ أنًه أظهر محدوديًته و نقائصه في تجاوز الخصوصيًات التاريخيًة و الثقافيًة و الاجتماعيًة و تحقيق الطموحات الاقتصاديًة و السياسيًة للشعوب.
في التاريخ المعاصر للشعوب العربيًة، النداء بوحدة المصير ومن ورائها الوحدة السياسيًة، كان يرمي في معظم الحالات إلى الهروب من النقائص و الإخفاقات الداخليًة بتعويمها و الركض وراء سراب المجد و الكبرياء باسترجاع العهد الذهبي الذي يستحقً تاريخه تمحيصا علميًا بعيدا عن العاطفة و الأساطير للتثبًت من الحقيقي والخيالي.
مع ذلك، يبقى من الحكمة وضع نصب أعيننا انه لا توجد مجانيًة أو صدقة في العلاقات الدوليًة، فكلً هبة او دعم بمقابل طال الدهر أم قصر، والحكيم من يحدًد الثمن مسبقا و يتيقًن من قدرته بالإيفاء بواجب الخلاص عند الاقتضاء.
سفير سابق.
شارك رأيك