بينما يسود الجمود أغلب الدول العربية والإسلامية التي طالما تغنّت بالقضية الفلسطينية، والدفاع عن المسجد الأقصى طوال عقود من
الزمن، خرجت جموع غفيرة في العالم تنادي بحرّية الشعب الفلسطيني وإنهاء الحرب على غزة فورًا.
فوزي بن يونس بن حديد
وفي الوقت الذي بدأت الحرب تنحو منحى خطيرا لأنها تسير نحو إبادة جماعية وتامة للشعب الفلسطيني من خلال عمليّة عسكرية واسعة النطاق في مدينة رفح لأن نتنياهو يعتقد بأن عمليته العسكرية لن تكتمل دون الدخول في رفح وبالتالي يريد أن يوهم نفسه وشعبه أنه حقق الأهداف التي رسمها للشعب الصهيوني.
لكن الأحداث تسير عكس ما يشتهيه نتنياهو والإدارة الأمريكية اللذين بدآ يتيقّنان بأن القضاء على حركة حماس أمر بعيد المنال رغم مرور أكثر من مائتي يوم على الحرب البشعة ضد الإنسان والحجر والشجر والحيوان في غزّة الأبية، ويتيقّنان أنه لا يمكن أن ينتصر جيش الاحتلال على حماس والفصائل الفلسطينية في هذه الحرب التناظرية التي علّمت العالم أن صاحب الحق لا يُهزم وإن دمّر العدوّ كل مشاهد الحياة في المكان، وتعتقد أمريكا وإسرائيل بأن لغة القوة العمياء التي تمارسها الآلة الصهيونية كفيلة بدفن المقاومة فهي باعتقادها هذا واهمة، لأن جذوة المقاومة ستظل في قلوب وعقول الأجيال الفلسطينية المتعاقبة حتى ينال الشعب الفلسطيني حريته ويبني دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف.
أطفال فلسطين لن ينسو أبدا جرائم إسرائيل
وعندما فكّرت إسرائيل أنها بأعمالها البشعة والانتقامية قادرة على تركيع حماس، فهي واهمة أيضا، لأن أطفال فلسطين اليوم الذين شاهدوا
الجرائم البشعة وما قام به جيش الاحتلال في أسرهم وعائلاتهم ومساكنهم وأرضهم، لن ينسوا ذلك أبدا، وسيعاقبونهم بمثل ما عُوقبوا به، فالذي حرمهم من والديهم وهم صغار سيأخذون حقهم كاملا عندما يكبرون، وسيدافعون عن حقوقهم مهما تعرّضوا من تنكيل وتعذيب نفسي ومادي كبيرين.
وفي الوقت الذي كنّا ننتظر العالم العربي والإسلامي أن يتحرك وينبذ الجمود والضعف والهوان، تتحرك جموع الطلبة في أنحاء أمريكا لتعلن أنها تدافع عن قضية إنسانية وتنبذ الصّهيونية والسامية باعتبارهما شاهدا كبيرا على تدمير ما يسمى حقوق الإنسان من خلال المشاهد البشعة التي تبثها القنوات العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي عندما يتفاخر جنود الكيان الصهيوني بجرائمهم أمام الملأ ويتبجّحون بذلك عندما يقتلون طفلا رضيعا أو امرأة أو شيخا كهلا بينما لا يجرؤون على مواجهة البواسل الشُّجعان على أرض المعركة، فكلّما يتم قنص صهيوني أو يتعرّض الجنود لكمين تراهم يصيحون ويصرخون خائفين مرتعبين.
لقد شاهدنا هذه الجموع التي تطالب بحقوق الشعب الفلسطيني في الجامعات الأمريكية المختلفة، وبدأت تتكاثر يومًا بعد يوم نتيجة سوء
تعامل الشرطة الأمريكية مع المعتصمين والمحتجين، ونأمل أن تتواصل مثل هذه الاحتجاجات والاعتصامات وتتكاثر وتنتشر في كل بقعة من بقاع العالم حتى يعلم العالم كلّه أن القضية الفلسطينية هي قضية العصر أو قضية القرن وينبغي الدفاع عنها بقوّة وأن إسرائيل فقدت إنسانيتها وعرّت عن وجهها القبيح المؤذي وكشّرت عن أنيابها وافترست كل ما يأتي أمامها ولم تمهل طفلا ولا امرأة ولا كهلا ولا حيوانا حتى يلملم جراحه ويتنفس على أرضه.
رجال أشدّاء يجاهدون في سبيل الله
هذه هي إسرائيل وهذه السّامية المُقرفة التي كانوا يتغنون بها ويحذرون الناس دوما من معاداتها، فشباب اليوم في أمريكا والغرب أدركوا أن
السامية لعبة وهميّة وصنعة صهيونيّة لتبرير جرائم الاحتلال الصهيوني، وأنه قد تعرض يوما للمحرقة وأنه مظلوم على الدوام، بينما هو يمارس الجريمة في أبشع صورها ليكتم أنفاس أطفال خُلقوا ليحيوا على أرضهم وبين أهلهم، فيحرمونهم من هذه النعمة فضلا عن كونهم يدمّرون حياتهم بالقضاء على أصولهم، ويحسبون أن تلك الأرض المقدسة أرضهم، وهم يعيشون الوهم والخيال، وما زالوا كذلك حتى تأتيهم البغتة والرجفة.
والصّعقة والصّيحة فتخرجهم أذلّاء على أيدي رجال أشدّاء يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم وهم الذين يعيشون على أرض غزة وفي الأنفاق يتعبدون ويتلون القرآن ويُقيمون الليل ويدعون الله خوفا ورهبا من أجل نصر عزيز تَفرح به الأمّةُ جمعاء.
شارك رأيك