في التفرير التالي الذي نشرته يوم 27 أفريل على صفحتها الفايسبوك نحت عنوان “وزارة الريع و سياسة ذر الرماد على العيون”، تنتقد منظمة ألارت السياسة المتبعة من طرف الدولة في مواجهة ظاهرة ارتفاع أسعار العلف و الأضاحي والتي لم انفكت تضر بالمنتج – أي الفلاح و المربي – و المستهلك.
كما جرت العادة مع اقتراب عيد الإضحى، خرجت وزارة التجارة بقرارات “ثورية” (بالطبع بعد استشارة أهل الحل والربط في اتحاد الأعراف) لكتم الجدل حول الارتفاع المشط لأسعار الأضاحي والمنتجات الحيوانية بصفة عامة. تمثل القرار الأخير في تخفيض في سعر فيتورة الصوجا المنتجة وطنيا قدره 80 دينار، وذلك ل”دعم منظومات الإنتاج والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك”.
وكأن بوزارة التجارة تأمل أن يكون لهذا الإجراء تبعات سحرية على أسعار الأعلاف المركبة التي ستخفض بدورها في أسعار الأضاحي والمنتجات الحيوانية. في حقيقة الأمر، وبالنظر لتركيبة العلف، ستنخفض أسعار الأعلاف، في احسن الحالات، ب 20 دينار للطن أي ما يقارب 20 مليم للكغ الواحد. و بالتالي يدخل هذا القرار، مرّة أخرى، في خانة الاستهلاك الإعلامي وتوجيه التهم إلى المربين في صورة عدم وقوع المعجزة المأمولة.
يذكرنا هذا القرار بقرار “ثوري” آخر كان يهدف تعديل أسعار اللحوم عبر استيراد 45 عجل مذبوح من دولة فرنسا تحت شعار”عجل لكل ولاية”.
كانت منظمة ألارت من بين الأصوات التي حذرت من التبعات الكارثية لموسم الجفاف القاسي وانعدام الانتاج الوطني للأعلاف الخشنة والحبوب العلفية، فردت وزارة الفلاحة على تخوفات المربين في تلك الفترة، بالتزامها بالتدخل عبر توريد الكميات اللازمة من الأعلاف. تبين في اللاحق انها لم تتخط مرحلة الوعود. وفي تناقض مريب بين التصريح والفعل، تم إقرار ترفيع ب30 دينار في سعر قنطار الشعير العلفي المدعم (أي ما يقارب زيادة ب300 دينار في سعر الطن الواحد) علاوة على الانخفاض في الكميات المستوردة مما يفسر ندرة مادة الشعير العلفي في الأسواق.
نتج عن هذه القرارات تخصيص حصص ضعيفة جدا من شعير و سداري، لا تتماشى بالمرة مع تعداد القطيع.
كما يجدر تذكير وزارة التجارة بترفيعها في سعر الشعير العلفي في أكتوبر من السنة الماضية بتعلة ارتفاع سعره في السوق العالمية (مع علمها المسبق بالجائحة الطبيعية التي مست الفلاحة التونسية) في حين ان الزيادة تزامنت مع السقوط الحاد لأسعار الشعير في السوق العالمية. وتحولت بذالك الدولة من طور دعم هذه المادة الي طور المضاربة فيها على حساب الفلاح و المستهلك، إضافة الى تراجع الكميات الموردة من الشعير.
كان بالأجدر على وزارة التجارة و من خلفها صناع القرار ان يكونوا حريصين، كما يدعون، على مصلحة المستهلك بتخفيض في سعر الشعير العلفي وتوفيره بما فيه الكفاية لديمومة المنظومة بأدوات بسيطة.
من ناحية أخرى تسبب الارتفاع المشط في أسعار الأعلاف الخشنة (تبن و ڨرط) -لانعدام المحصول- في تقلص الإنتاج الوطني للحوم نظرا للذبح المفرط (وغير القانوني) للإناث إضافة لظاهرة تهريب المواشي نحو الجزائر.
تفسر هاته العوامل الارتفاع غير المسبوق للأسعار التي تولد ضحايا من كلا طرفي السوق :
يتضرر الفلاح من انعدام الدعم بسبب ضعف تدخلات الدولة في هذا القطاع، ويتضرر المستهلك الذي لم يعد قادرا على تحمل التضخم المستمر والمسترسل الناتج عن غياب رؤية واستراتيجيات تنهض بالاقتصاد.
شارك رأيك