حول أسباب ما يسمى بالهجرة غير النظامية والموقف المبدئي منها : واجب التضامن بين ضحايا العولمة النيوليبيرالية والتباين مع ردود الفعل العنصرية المشجعة من طرف تعبيرات الثورة الحافظة شمالا وجنوبا.
محمد الشريف فرجاني
في عالم يخضع للسياسات النيوليبيرالية المهيمنة عالميا، والمقبولة من طرف دول تقبل بها ولا ترى إلا ما ينتج عنها من هجرات هروبا مما ينجم عن تلك السياسات من مٱس، لا يمكن أن نمنع حرية تنقل البشر في حين نقبل بحرية انتقال الأموال والبضائع التي تفقر بلدان الجنوب وتكدس الثروات في بلدان الدول المهيمنة التي تريد استعمال بلدان مثل رواندا وتونس ومصر وتركيا كحراس لحدودها.
المهاجرون هم ضحايا هذه السياسات وليسوا متٱمرين على أمن هذه البلاد أوتلك، أو مستوطنين نطاردهم ونستبيح حقوقهم كبشر ونغض النظر عن السياسات التي هي سبب مٱسيهم ومٱسينا.
إن ردود الفعل العنصرية كالتي تشهدها ضد المهاجرين شمالا وحنوبا هي ما تنتظره منا السياسات النيوليبيرالية المهيمنة عالميا لكي يتناحر ضحاياها فيما بينهم عوض أن يتحدوا ضدها اعتمادا على حقوق الإنسان، بما فيها حق التنقل المتاح لسكان الشمال والذي يحرم منه مواطنات ومواطنو بلدان الجنوب والشرق الفارين من الحروب ومن الكوارث الي تساهم في تفاقمها السياسات النيوليبيرالية.
ثم أن تونس ليست لها حدود جنوبا غير حدودها مع ليبيا والجزائر التي يمر منها المهاجرون من جنوب الصحراء. فلماذا نسكت عن دور هذين البلدين ونتبع سياسات تعاون انفتاح معهما، ونلاحق المهاجرين تلبية لطلب إيطاليا والدول الأوروبية التي تريد تحويل بلدان مثل روندا وتونس إلى حارس للحدود في وجه ضحايا سياساتها ؟
لماذا التعامي عن كل هذا وحصر المسألة في “مؤامرة” هدفها نوع من “الاستعمار الاستيطاني” من النازحين من جنوب الصحراء الفارين من الحروب والكوارث الناجمة عن السياسات النيوليبيرالية التي نحن، مثل كل البلدان الأفريقية، من بين ضحاياها؟ فالمهاجرون من جنوب، مثل المهاجرين من تونس ومن الجزائر ومن المغرب ومن مصر، لا يريدون الاستقرار في بلدان شمال أفريقيا التي تعاني من نفس السياسات النيوليبيرالية، وإنما الوصول إلى بلدان الشمال الزاهية لثرواتهم عبر حرية تنقل الأموال والبضائع والتبادل اللامتكافئ. فلماذا نقبل بسياسات “المناولة” التي تحول بعض بلدان الجنوب إلى حارسة لحدود الدول المهيمنة عبر ملاحقة المهاجرين ومنعهم من الوصول إلى بلدان الشمال؟
أستاذ جامعي و كاتب في الشؤون السياسية.
شارك رأيك