في مجال الجراحة، هناك أشخاص غير عاديين يتخطى تأثيرهم غرف العمليات وجدران المستشفيات وحتى حدود البلاد. يجسد الدكتور فاضل سمير فتيريش خير مثال على ذلك. فمنذ تعرضه الى وعكة صحية تطلبت نقله إلى قسم الإنعاش الطبي بمعهد أمراض الأعصاب، و شهادات الشكر و الثناء من زملائه ومرضاه تغزو شبكات التواصل الاجتماعي. (الصورة : الدكتور فتيريش مع تلميذه و زميله كاتب المقال).
الدكتور حسين مغربي
كيف لا و قد كرس الدكتور فتريش حياته كلها للصحة العمومية، ورعاية المرضى الأكثر حرمانا وتدريب أجيال من الجراحين.
بالنسبة له، ليس الطب مهنة فحسب، بل هو واجب وشغف يحركه كل يوم. كان و يظل المرضى يرون فيه منقذا من الأمراض المستعصية، دائم الاستعداد لتقديم الرعاية و حتى زملاؤه يرون فيه المرشد و الملهم…
على الرغم من المحن والصعوبات وحتى الظلم الذي واجهه طوال حياته، واصل مهنته النبيلة بمرونته وقوة داخلية لا تتزعزع، مما جعله مثالا يحتذى به لنا جميعا.
اشتهر بكرمه الكبير و جديته المفرطة وتفانيه، وظل مدافعا شرسا عن الصحة العمومية التي خدمها و يخدمها بكل جدية وضمير.
يشهد الجميع على تفانيه غير المحدود في عمله : فتجده أول من يتخطى عتبة المستشفى كل صباح وآخر من يغادره. كان بإمكانه العمل في أعرق المستشفيات الباريسة بعد إجتيازه بتفوق لمناظرة التكافؤ في الطب، الا أن حبه لوطنه دفع به الى العودة إلى بلاده لخدمة أهله و بني وطنه من الجنوب الى الشمال.
الدكتور فتيريش ولد في جنوب تونس، وتحديدا في قابس، و قد ظل يقضي أسبوعا كل شهر في مستشفى توزر لعلاج المرضى من جنوب تونس…
كل من عرفه عن قرب يدرك انه ملاك حقيقي دائم الإستعداد للتضحية بكل شيء من أجل مرضاه وتلاميذه مما مكنه من شفاء حالات مستعصية عجز عنها الكثير…
كان الدكتور فريش في الخطوط الأمامية أيام أزمة فيروس كورونا. كما شارك في العديد من البعثات الإنسانية كطبيب متطوع… وهو ينوي صحبة مجموعة من خيرة الأطباء التونسين الالتحاق بغزة لعلاج المرضى… ليس ذلك بالغريب، فقد استجاب لجميع النداءات الإنسانية طوال حياته المهنية سواء في أوقات الحروب أو في حالات الزلازل أو غيرها…
اليوم، وهو يصارع بين الحياة والموت في وحدة العناية المركزة في معهد طب الأعصاب، يقف زملاؤه ومرضه وعائلاتهم متضرعين للمولى عز و جل ان ينظر له بعين الرحمة ويعيده لنا ومرضاه سالما معافيا.
قسم الجراحة العامة بمستشفى الرابطة.
شارك رأيك