بيت الحكمة …  ولا من تنادي

أجل،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬تنادي‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬سبات‭ ‬عن‭ ‬مطالبات‭ ‬أصحاب‭ ‬الحقوق‭ ‬بمراجعة‭ ‬قرارات‭ ‬لجانها‭ ‬العلمية‭ ‬بمانع‭ ‬السرية‭ ‬لأسماء‭ ‬أعضائها،‭ ‬وبمبررات‭ ‬تخفي‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬تخفي‭ ‬سوء‭ ‬الإدارة‭ ‬والتضييع‭ ‬المالي،‭ ‬دون‭ ‬مبالاة‭ ‬‏بما‭ ‬‏يعكسه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬وتفويت‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬المطالب‭.‬

              الدكتور المنجي الكعبي

حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬اللجان‭ ‬كالسر‭ ‬المكنون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭.‬

بعض‭ ‬أعضائها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لا‭ ‬ذكر‭ ‬لهم‭ ‬خارج‭ ‬وجودهم‭ ‬بهذه‭ ‬اللجان،‭ ‬كالقول‭ ‬بأنهم‭ ‬لا‭ ‬يطلعون‭ ‬على‭ ‬الكتب‭ ‬المعروضة‭ ‬على‭ ‬نظرهم‭ ‬للنشر‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬نزع‭ ‬أسماء‭ ‬أصحابها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬غلافها. ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬نزع‭ ‬عناوين‭ ‬كتبهم‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬غلافها‭.‬

كيف‭ ‬ذلك؟‭ ‬علمه‭ ‬عندهم‭.‬

‭ ‬ويرفضون‭ ‬الأعمال‭ ‬المقدمة‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬نشر‭ ‬المنشور‭ ‬سابقا. ‬فكيف‭ ‬عرفوا  ‬والعمل‭ ‬مجرد‭ ‬من‭ ‬العنوان‭  ‬وبياناته‭ ‬في‭ ‬الرقم‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب؟‭ ‬

فطرفةُ‭ ‬حجب‭ ‬أسماء‭ ‬أصحاب‭ ‬العروض‭ ‬المقدمة‭ ‬للنشر‭ ‬وكذلك‭ ‬حجب‭ ‬عناوين‭ ‬أعمالهم‭ ‬عن‭ ‬علم‭ ‬أعضاء‭ ‬اللجنة‭  ‬يبقى‭ ‬أهون‭ ‬من‭ ‬دعاوى‭ ‬للتعطيل‭ ‬والمغالطة،‭ ‬منها‭ ‬ادعاء‭ ‬موافاة‭ ‬الإدارة‭ ‬بالأعمال‭ ‬منقوصة‭ ‬العدد‭ ‬بحسب‭ ‬المذكور‭ ‬في‭ ‬الطلب‭. ‬وعندما‭ ‬تراجع‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬ذلك،‭ ‬يتبين‭ ‬الحق‭ ‬بعد‭ ‬تحويل‭ ‬المراسلة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬نفسها‭ ‬إليها. ‬ولا‭ ‬اعتذار‭ ‬عن‭ ‬التقصير‭ ‬ولا‭ ‬أسف‭ ‬على‭ ‬تضييع‭ ‬الوقت،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬التهرب‭ ‬والتعلل‭ ‬بتأخر‭ ‬انعقاد‭ ‬اللجنة‭ ‬واقتصار‭ ‬نظرها‭ ‬على‭ ‬الموجود‭ ‬دون‭ ‬المفقود‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يواف‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬وقته‭!‬

فهل‭ ‬هذا‭ ‬مصدّق‭ ‬ومعقول‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬النزاهة‭ ‬والشفافية‭ ‬ومقبول‭ ‬حصوله‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬علمية‭ ‬جديرة‭ ‬بالإسم‭ ‬والمهام؟

هل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المعنى‭ ‬من‭ ‬سرية‭ ‬الإدارة؟

والجهل‭ ‬بصاحب‭ ‬الاختصاص‭ ‬من‭ ‬أعضاء ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬ألا‭ ‬يجعله‭ ‬يخلد‭ ‬إلى‭ ‬الاطمئنان‭ ‬والسكينة ل‬من‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬قرار‭ ‬بالرفض،‭ ‬هو‭ ‬مسؤول‭ ‬عنه‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬للاختصاص‭ ‬ويستمر‭ ‬ملتحفا‭ ‬بواجهة‭ ‬الإدارة‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬على‭ ‬شخصه‭ ‬نطاق‭ ‬السرية‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬مساءلة‭ ‬وتعقيب‭.‬

‏فلو‭ ‬فرضنا‭ ‬نشر‭ ‬نقد‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬سابق‭ ‬نشرته‭ ‬المؤسسة‭ ‬نفسها‭ ‬بقلم‭ ‬رئيسها‭ ‬وترفضه‭ ‬اللجنة‭ ‬بحجة‭ ‬المنشور‭ ‬سابقا‭ ‬بدعواها‭.‬

ولو‭ ‬فرفضنا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬المقدمة‭ ‬هي‭ ‬نقض‭ ‬(أو‭ ‬نقد)‭ ‬لأطروحة‭ ‬جامعية‭ ‬صاحبتها‭ ‬تونسية‭ ‬وأشرف‭ ‬عليها‭ ‬أستاذ‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬موضوعها‭ ‬مخطوط‭ ‬قيرواني‭ ‬نادر‭ ‬وحققته‭ ‬تحقيقا‭ ‬قصّرت‭ ‬فيه‭ ‬أيما‭ ‬تقصير،‭ ‬استلزم‭ ‬نقدها‭ ‬عليه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئتي‭ ‬صفحة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬مفرد‭ ‬معروض‭ ‬نشره‭ ‬على‭ ‬المؤسسة.‭ ‬فهل‭ ‬رفضه‭ ‬تسترا‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المشرف‭ ‬أو‭ ‬عليهما‭ ‬معا،‭ ‬وهضم‭ ‬جانب‭ ‬صاحب‭ ‬ذلك‭ ‬النقد‭ ‬الذي‭ ‬أثنت‭ ‬عليه‭ ‬المعنية‭ ‬عندما‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬حلقات‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭.. ‬وأُدرج‭ ‬ثناؤها‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ملاحق‭ ‬الكتاب‭ ‬شهادة‭ ‬منها‭ ‬له‭.‬

فلماذا‭ ‬هذا‭ ‬الغمط‭ ‬للمصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬لاعتبارات‭ ‬ضيقة،‭ ‬يا‭ ‬بيت‭ ‬الحكمة؟

فهل‭ ‬إدارة‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وبكل‭ ‬الحجج‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬للرفض‭ ‬لا‭ ‬تحسب‭ ‬إلا‭ ‬حساب‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬السرية‭ ‬لتجاوز‭ ‬كل‭ ‬المواقف‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬عملها‭ ‬الأكاديمي‭ ‬ولجانها‭ ‬العلمية‭.‬.. وتقف‭ ‬وراء‭ ‬غياب‭ ‬كامل‭ ‬للشفافية‭ ‬والنزاهة‭ ‬ومد‭ ‬الحبل‭ ‬للإجراءات،‭ ‬تهربا‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة،‭ ‬‏واضعة‭ ‬خلف‭ ‬أذنها ‬المكاتبات‭ ‬الواردة‭ ‬إليها‭ ‬والمرسلة‭ ‬نسخها‭ ‬لجهات‭ ‬الإشراف‭ ‬الراجعة‭ ‬إليها‭ ‬بالنظر‭.‬

‭ ‬‏حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬المنادي‭ ‬عليها‭ ‬‏أكثر‭ ‬كتبه‭ ‬في‭ ‬نقد‭ ‬منشوراتها‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬كتب‭ ‬بعض‭ ‬رؤسائها‭ ‬المخَلَّفين‭ ‬عن‭ ‬جوابه‭.‬

باحث جامعي و نائب سابق.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.