ما حصل يوم أمس من تضارب تصريحات و غموض و ارتباك يؤكد أن ما حصل للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ليس حدثا عفويا بل أن مروحيته قد تعرضت إلى عملية تخريب أو قصف أو ما شابه ذلك من الأعمال الإجرامية التي تعودت إسرائيل على ارتكابها في عديد المناسبات.
أحمد الحباسي
و إن لم تؤكد السلطات الإيرانية قصة اعتداء ممكن على راس السلطة في إيران و في انتظار نهاية التحقيقات الجارية فإن ما نقوله ليس مجرد تحليل فاقد للموضوعية أو خاضع لنظرية المؤامرة بل أن ما يربط دولة اذربيجان من علاقة وطيدة جدا مع إسرائيل و ما يعلمه الجميع من اختراق الأجهزة الأمنية لهذه الدولة الجارة لإيران و ما تقوم به وكالة المخابرات الأمريكية من مخططات تتعلق سواء بضرب الاستقرار في إيران بواسطة أعوان يتم تدريبهم هناك بإشراف مباشر من هذه الوكالة التي تخصص المليارات للقيام بهذا العمل أو بتنفيذ خطط معينة لإرباك النظام الروسي في علاقة بالحرب الروسية الأوكرانية… وهي كلها أدلة و قرائن متضافرة من شأنها طرح الشكوك حول حقيقة ما حدث لطائرة الرئيس إبراهيم رئيسي بمجرد وصولها إلى إحدى المناطق الحدودية مع أذربيجان لتدشين إحدى السدود رفقة الرئيس الأذربيجاني إلى تاريخ إقلاعها للعودة إلى إيران و فقدانها من شاشات الرادار.
يدرك المتابعين أن العلاقة بين أذربيجان و إسرائيل تعود إلى سنوات عديدة و أن أذربيجان قد تعرضت إلى ضغوط أمريكية كبيرة لفتح القنوات مع إسرائيل كما تكشفه تسريبات وثائق ويكيليكس الشهيرة كما يدرك المتابعون أيضا أن إسرائيل تمد أذربيجان بالأسلحة و المعونة التقنية خاصة أن أذربيجان تواجه حربا معلنا مع الجارة أرمينيا و لذلك لم يعد سرا أنه و في مقابل هذا الدعم المختلف الإشكال فان السلطات الأذربيجانية لا تمنع المخابرات الصهيونية من القيام بعمليات نوعية ضد أهداف معينة في إيران اثر تسرب من الحدود بين البلدين وهو الأمر الذي تدركه السلطات الإيرانية لكنها تحاول نظرا لطبيعة المنطقة و خوف إيران من اتساع رقعة الأطراف الإقليمية المناوئة لها التعامل مع هذه الوضعيات غير المريحة بكثير من الصبر و الحنكة.
كل السيناريوهات تبقى واردة
لعل المثير في علاقة إسرائيل بأذربيجان أن هذه الأخيرة قد تسلمت عدة طائرات بدون طيار من الكيان لضرب قوافل الجنود الأرمينيين عدة مرات و لذلك يتساءل البعض هل تمّ التنسيق بين إسرائيل و بعض الجهات في أذربيجان لاستهداف الطائرة الرئاسية الإيرانية بمثل هذه الطائرات أو ببعض الصواريخ المتطورة الموجهة.
لعله و في ظل ما يتم نشره من الأخبار و التصريحات و الصور غير الدقيقة فإن كل السيناريوهات المحتملة حول عملية سقوط المروحية الرئاسية تبقى واردة و مفتوحة و هناك أسئلة بات إطلاقها خاصة بعد ثبوت استشهاد الرئيس إبراهيم رئيسي و وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان و بعض المرافقين محتوما و هي تتعلق بكيفية نجاح الطائرتين العموديتين الأقل تطورا المرافقتين لطائرة الرئيس في الهبوط سالمة داخل الأراضي الإيرانية و هل تعرضت طائرة الرئيس لاستهداف مباشر أو استهداف الكتروني متطور نفذته جهات استخبارية أمريكية أو صهيونية مستغلة الحالة السيئة للطقس؟
هل أن الرئيس الإيراني قد فضل السفر في تلك الظروف المناخية السيئة بناء على ما وصله من تقارير أمنية تتحدث عن خطر وجود أطراف مشبوهة تستهدف وجوده و حياته؟ لماذا لم يؤجل الرئيس الإيراني رجوعه إلى إيران خاصة أن حالة الطقس و تعذر استعمال المروحيات من الأمور التي لم تكن خافية عليه أو على طاقم حراسته الخاصة؟
ما سبب التعامل الإيراني البارد مع الحدث ؟
لعله من المثير للانتباه اكتفاء الجهات الرسمية الإيرانية بالإعلان عن وفاة أو ما وصفته باستشهاد الرئيس إبراهيم رئيسي و رفاقه دون ذكر أية تفاصيل أو تقديم رواية رسمية حول ظروف وقوع الحادث بل أن التعامل مع الحدث بمثل هذا البرود و الصمت قد ترك لدى المتابعين كثيرا من نقاط الاستفهام و الأسئلة الحائرة خاصة بالنظر لمكانة الرئيس و طبيعة النظام و تأثير رحيل الرجل على كثير من الملفات الحارقة سواء المتعلقة بالصراع مع أمريكا حول الملف النووي أو الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب في علاقة بنوعية المساندة التي يقدمها الرجل لحزب الله أو لحماس أو للفصائل المقاومة في العراق و اليمن.
أيضا لا يجب التغافل على أن ما تتعرض إليه إيران من عقوبات اقتصادية صارمة قد يكون له تأثير في حصول الحادث لأن هذه العقوبات قد أضرت بالقدرة الصناعية الإيرانية بحيث لم تعد إيران قادرة على توفير قطع الغيار للطائرات المعطبة و التي يمكن أن تكون المروحية الرئاسية إحداها بحيث تكون أمريكا و إسرائيل قد تسببتا في اغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بطريقة غير مباشرة.
كاتب و ناشط سياسي.