خالد عبيد – المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنّوبة.
خطوة أخرى يخطوها المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنوبة نحو اقتران الذكرى الخمسين لنشأته بتجديد العهد مع جلب الأرشيف المتعلّق بتاريخ تونس خلال الحقبة الاستعمارية ومرحلة بناء الدولة الوطنية الذي توقّف منذ سنوات عديدة، ولعلّ محاضرة وزير الشؤون الخارجية في رحابه تكون هي البدْءُ.
يحلّ وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج السيّد نبيل عمّار محاضرا في رحاب المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنّوبة وذلك يوم الثلاثاء 28 ماي 2024 على الساعة العاشرة صباحا بمدرج قرطاج الحداثة لإلقاء محاضرة على منبره في الذكرى الـ68 لتأسيس وزارة الخارجية التونسية، عنوانها :”السياسة الخارجية التونسية: تكريس السيادة الخارجية ومناصرة القضايا العادلة”، يركّز خلالها على المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية للدولة التونسية وخاصّة منها مبدأ السيادة الخارجية التي هي عنوان لِوُجود الدولة ومَاهِيتها، فإنْ انْمَحت مَا كان للدولة من وجودٍ وهذا الذي ترتّب فعلا إثر الإمضاء على معاهدة الحماية في 12 ماي 1881.
ومن البديهي أن تساند تونس هذا البلد الذي اكتوى بنار الاستعمار قضايا الشعوب العادلة وحقها في تقرير مصيرها خاصّة منها القضيّة الفلسطينية.
هذا وقد دأب المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنّوبة على القيام بسلسلة محاضرات وندوات دورية طيلة تأسيسه، غايتها التعريف بدوره الأساسي في حفظ ذاكرة التونسيين وتثمين المخزون الأرشيفي الهامّ الذي يتحوّز عليه والخاصّ بالحقبة الاستعمارية والمرحلة المبكّرة من بناء الدولة الوطنية في تونس.
وما كان هذا ممكنا لولا الاتفاقية التي عقدت بين تونس وفرنسا منذ حوالي 50 سنة والتي سمح من خلالها بجلب نسخة من جزْءٍ من هذا الأرشيف المقدّر بمئات الآلاف من الصفحات إلى تونس وتخزينها في هيكل علمي خاصّ اتخذ اسما له حاليا المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر الذي سيحتفل قريبا بخمسينية انبعاث هذا المشروع.
ويحقّ لنا أن نُباهيَ بذلك لأنّ تونس هي الدولة الوحيدة تقريبا التي تتحوّز على هذا الأرشيف من جملة باقي الدول التي اكتوت بنار الاستعمار ، لذلك يمكن اعتبار المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر حافظا لهذه الذاكرة، ذاكرة دولة ووطن.
لكن، ما كان جلب هذا الأرشيف إلى تونس يتمّ لولا تعهّد وزارة الخارجية التونسية منذ أواخر السبعينات من القرن العشرين بتنفيذ بنود هذه الاتفاقية وتسهيل مهمّة مبعوثي الدولة التونسية من الباحثين المكلّفين بعملية حصر هذه الوثائق في فرنسا عبر تذليل الصعوبات مع الجانب الفرنسي والدعم القويّ للسفارة التونسية بباريس والقنصلية العامة بمدينة نانت.
ويتطلّع المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنوبة إلى تجديد هذه “الشراكة الاستراتيجية” التي انقطعت للأسف منذ أكثر من 16 سنة! وذلك حتى يواصل المعهد دوره التاريخي في حفظ ذاكرة الدولة والشعب ويضعها لاحقا على ذمّة أجيال متعاقبة من الباحثين من تونس وخارجها.
لذلك تكتسي محاضرة السيّد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج السيّد نبيل عمّار ، أهمّية قصوى لأنّها قد تكون البداية لاستئناف هذه المسؤولية خاصّة عندما يتعرّف السيّد الوزير كما إطارات وزارته عن قرب على مدى الثروة الأرشيفية المخزونة في المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر بمنوبة، معهد الدولة التونسية.