أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري:
نطالب بإطلاق سراح الصحفيين وإعادة تشكيل مجلس الهيئة
نحن أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري “الهايكا”، الممضين أسفله،
وبعد ما عايناه من تنامي أشكال التضييق على حرية التعبير والصحافة حدّ سجن صحفيّات وصحفيين وإعلاميات وإعلاميين من أجل تصريح أو رأي أو عمل صحفي ومن عودة الرّقابة والرّقابة الذاتيّة التي فرضها مناخ الخوف والترهيب المخيم على المهنة، ومن فوضى في عمل عديد المؤسسات الإعلامية وتراجع خطير على مستوى صناعة المضامين وعلى مستوى الالتزام بأخلاقبات الممارسات الصحفية،
يهمنا التأكيد على ما يلي:
أولا، إن التضييق على حرية الصحافة ليس شأنا قطاعيا وإنما هو أولا وقبل كل شيء ضرب لحق المواطن في المعلومة والحق في إعلام متعدد ومتنوع يضمن الاطلاع والنفاذ الى مختلف الآراء والتصورات والتوجهات الفكرية والسياسية في البلاد، كما أنه مدخل لتقويض أهم منظومة للمساءلة والنقد وإرساء قواعد الشفافية المساهمة في كشف ملفات الفساد ورصد التجاوزات ومناقشة البدائل والحلول للتقويم والإصلاح.
ثانيا، إن خطورة عرقلة العمليّة التعديليّة من خلال تعطيل عمل مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري يتجاوز الفراغ في تنظيم وضبط المشهد السمعي البصري إلى التعدي على مكاسب التونسيين والتونسيّات من حقوق وحريّات وضرب قيم التعدديّة في الإعلام كآلية للنقاش العام وضمانة للتعايش المشترك والتداول السلمي على السلطة من خلال انتخابات نزيهة وشفافة، وهو ما تؤكده الإحالات الملتبسة للصحفيين والإعلاميين على القضاء وفق المرسوم عدد 54 لسنة 2022 واستسهال الأحكام السالبة للحرية ضدهم وتضخم المقاربة الأمنية وإقصاء أهل المهنة وفتح المجال للموالين والمواليات للسلطة أيّا كان تاريخهم في الارتزاق من المهنة سواء قبل ثورة 2011 أو بعدها.
ثالثا، إن الوضعية الحالية ل”الهايكا” هو نتاج لتجميد عمل مجلسها بعد ضرب رقابة إدارية على أعماله وذلك لتشبثه -في إطار الصلاحيات الموكولة له بمقتضى القانون- بضمان حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام، ولمواقفه المتمثلة خاصة في:
- رفض الإمضاء على القرار المشترك المتعلق بالانتخابات التشريعية لسنة 2022 مع هيئة الانتخابات، وذلك لعدم توفره على الضمانات الكافية لحماية حرية التعبير وتكافؤ الفرص.
- تسليط عقوبة على مؤسسة التلفزة التونسية بعد أن سمحت لرئيس الجمهورية بخرق الصمت الانتخابي، علما أن الرئيسة المديرة العامة للمؤسسة معينة بطريقة أحاديّة غير قانونية من قبل مؤسسة رئاسة ااجمهورية وهو إجراء رفضته الهيئة لعدم قانونيته.
- رفض المرسوم عدد 54 اسنة 2022 لما فيه من ضرب لمسار الانتقال الديمقراطي وتراجع واضح عن مكتسبات الثورة في مجال حريّة الرأي والتعبير. ونذكر في هذا الإطار، أن رسالة وجهت لرئيس الجمهورية في ديسمبر 2023 في هذا الخصوص تضمنت جملة من الملاحظات والمقترحات لإصلاح القطاع كما تضمنت المطالبة بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين على أن يكون التتبع، في حالة وجود موجب قانوني، وفق مقتضيات المرسومين عدد 115 وعدد 116 لسنة 2011 المتعلقين بتنظيم العمل الصحفي.
كما نذكر أن قرار رئاسة الحكومة غير القانوني بتجميد عمل مجلس الهيئة وتعطيل مهام هذا المرفق العام تم تعليله بالشغور الحاصل في منصب رئيس الهيئة في حين أن تعيين رئيس للهيئة هو حصريّا، وفق المرسوم عدد 116 لسنة 2011، من صلاحيّات رئيس الجمهوريّة الذي أبقى على هذا الشغور في تجاهل تام لمراسلات مجلس الهيئة المتكررة في الغرض.
وعليه، فإننا أعضاء مجلس الهيئة، نشدد على ما يلي:
· نجدد مطالبة رئيس الجمهوريّة بإلغاء المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المكمم للأفواه، كما نطالبه باستعمال صلاحياته الدستورية لإطلاق سراح الصحفيات والصحفيين المسجونين بسبب أدائهم لعملهم.
· نطالب رئيس الجمهورية بتعيين رئيس جديد للهيئة التعديلية يتحلى بالكفاءة والاستقلالية وفقا لمقتضيات المرسوم عدد 116.
· نطالب الهياكل المعنية التالية بفتح باب الترشحات لأعضاء المجلس الجديد وفق ما حدده المرسوم المذكور أعلاه:
- مجلس نواب الشعب
- النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
- نقابة أصحاب المؤسسات الإعلامية السمعية البصرية الخاصة
- جمعية القضاة التونسيين
- الاتحاد العام التونسي للشغل (الجامعة العامة للإعلام)
· نحمل نواب الشعب المسؤولية التاريخية في ضمان حريّة العمل الصحفي وحماية الصحفيات والصحفيين من تعسف السلطة التنفيذية من خلال إقرار قوانين تدعم حماية الحقوق والحريات وتضمن التعدد والتنوع في الفضاء العام.
هذا، وننبه إلى أن التفكير في اللجوء لإحداث هياكل بديلة للهيكل التعديلي المستقل لن يساهم إلا في تأكيد حقيقة التراجع عن مكسب حريّة التعبير والحق في الاختلاف باعتبارها من أهم مكاسب الثورة التونسية.
***أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري:
صالح السرسي
سكينة عبد الصمد
هشام السنوسي
راضية السعيدي.