أصبح العالَم مقتنعًا اليوم بأن إسرائيل دولةٌ إرهابية تقتل النساء والأطفال، فمثَلُها كمَثل داعش التي بطشت بالحلقة الأضعف في المجتمعات، وأصبح هذا الأمر راسخا في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية وبعض البرلمانات الأوروبية والجامعات الغربية، وأخيرا تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الذي جاء فيه أن إسرائيل دولة إرهابية تُحشر في القائمة السوداء إلى جانب التنظيمات المتطرفة داعش والقاعدة وبوكو حرام.
فوزي بن يونس بن حديد
وجاء ذلك أيضا بعد أن تمادت إسرائيل في غيّها واستمرت في جُرمها، ولم تعبأ بقانون ولا بعهد ولا ميثاق، ورغم تحذيرات محكمة العدل الدولية من أنها تنتهك القوانين الدولية والإنسانية في حربها على غزة ومطالبتها بالالتزام بما صدر منها من أحكام بعد أن تبيّن للمحكمة أن إسرائيل تمارس الإبادة الجماعية وتقطع كل مقومات الحياة عن الإنسان المدني في غزة بل إنها تقتلهم بدم بارد سواء بالرصاص أو بالقنابل أو بالدهس أحياء أو بالجوع والعطش أو الخوف والرعب، ومنحتها الوقت الكافي للالتزام بما أمرتها به إلا أنها لم تبالِ بل اعتبرت قرار المحكمة الدولية باطلا لا أساس له من الصحة وأنها عازمة على مواصلة الحرب الشرسة على قطاع غزة بدعم أمريكي لا محدود من الأسلحة المتنوعة.
وبعد أن اتهمتها مجموعة من الدول بأنها تمارس الإرهاب في غزة، خرج العالم يحتج عليها ويطالبها بوقف الحرب فورا، إلا أن رئيس وزرائها مازال متمسّكا بالحرب بدعمٍ من حليفيه بن غفير وسموتريتش المتطرّفين، وبدأت الأوراق تختلط على طاولة مجلس الحرب ومجلس الوزراء في إسرائيل بعد أن تبعثرت أحلامهم القائمة على أوهام، فمِثلُ ما حدث في السابع من أكتوبر الماضي لا تمحوه أيُّ حرب، لأن المقاومة هذه المرة قد استعدت لحرب طويلة الأمد، ولأن إسرائيل قد ضعفت كثيرًا عما كانت عليه في السبعينات حينما انتصرت على العرب في ستة أيام، بينما جيشُها اليوم أوهنُ من بيت العنكبوت، يعيش الخوف والرعب والتوتّر والملل والكآبة والتردّد وحالتُه النفسية سيئة للغاية فكيف يُوصف هذا الجيش المتهالكُ بأكثر الجيوش أخلاقا في المنطقة.
ما فعله الجيش الصهيوني أسوأ مما فعلته النازية
فما فعله الجيش الصهيوني أسوأ مما فعلته النازية والبربرية والمغول والتتار وداعش في حقب تاريخيّة متتالية، ويستحقّ لقب جيش إرهابي، لأنّه قتل أكثر من 17 ألف طفل بريء وأكثر من 15 ألف امرأة خلال الأشهر الثمانية الماضية، فكيف يكون جيشا أخلاقيا وهو لا يحترم الطّفولة والمرأة والإنسان عموما، ولا يفرّق بين مقاتل ومدني في الحرب، بعد أن أصبحت دولته فاشلة لا تقوى على حماية نفسها لا في الشمال ولا في الجنوب وفاشلة استخباراتيًّا وعملياتيًّا وسياسيًّا إثر يوم السابع من أكتوبر المجيد حيث احتلت المقاومة الفلسطينية إسرائيل خلال ساعة واحدة أو ساعات، وها هي اليوم تدك حصون العدو داخل غزة والضفة الغربية دكًّا دكًّا بقذائف الياسين 105 وتي بي جي وأر بي جي وعلبة شواظ التي فعلت فعلها وحيّرت العدوّ حيث لم يستطع أن يجد حلًّا للحدّ منها ومن العار على العرب أن يبقُوا متفرّجين على مذابح تاريخية الواحدة تلو الأخرى، ينتظرون ما تقرّره أمريكا وما تصنعه أمريكا وما تخطّط له أمريكا، وما تأمر به أمريكا، بينما سارعت دول غربية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على الملأ، وتحدى السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز نتنياهو الذي سيُلقي خطابًا في الكونجرس الأمريكي ليعلن أنه لن يحضر جلسة الخطاب هذه بل هاجم نتنياهو واعتبره مجرم حرب.
وعارٌ على المسلمين أن لا يتحرّكوا إلى الآن بعد أن ظهر الحقُّ وزهق الباطل، ماذا ينتظرون من مجرم حرب إلا الهلاك والدمار والخراب، ولم يعد أمام نتنياهو إلا الاستسلام والمحاكمة على جرائمه الكبيرة التي لا ةتحصى ولا تعد.
عارٌ على العرب والمسلمين أن لا يتحرّكوا
عيبٌ عليكم أيها العرب والمسلمون أن لا تتحركوا بعد أن تبين للعالم أن إسرائيل دولة إرهابية داعشية، وليس حركة حماس كما يدّعون، فالداعشي قد بان في قائمة الأمم المتحدة منْ هو على إثر تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بإدراج اسم إسرائيل ضمن القائمة السوداء وبالتالي يحرم على دول العالم التعامل معها وعزلها تماما عن المجتمع الدولي لأنها دولة منبتّة لا أساس لها، أصبحت تعيش على الهامش ولا تتحدث إلا بلغة القتل والدمار، وأخوف ما أخاف من أن يتم اغتيال الأمين العام للأمم المتحدة بعد أن صعق إسرائيل بهذه المهانة الجديدة وإشهار بأن هذه الدولة دولة إرهابية من الطراز الرفيع، ومن ثَمّ على العرب أن يتحركوا سريعا لإنقاذ أنفسهم بدل من السعي نحو التطبيع مع الإرهابيين.
وبعد أن تقرّر رسميًّا أن إسرائيل دولة إرهابية، هل تتراجع بعض الدول العربية وتسحب اتفاقية التطبيع مع إسرائيل؟ أم أنها ستبقى على منوالها ولا تعبأ هي الأخرى بقرار الأمم المتحدة؟