في التدوينة التالية التي نشرها اليوم على صفحات التواصل الإجتماعي تحت عنوان “اطلقوا سراح التونسيين و التونسيات”، قدم هشام العجبوني النائب السابق عن التيار الديمقراطي في البرلمان المنحل منذ 25 جويلية 2021، جملة من الاقتراحات للإبقاء في حالة سراح كل المعتقلين السياسيين و الاعلاميين و ناشطي المجتمع المدني الذين يقبعون في السجون بدون محاكمات أو المتعلقة بهم قضايا رأي أو المحالين على معنى المرسوم 54 سيء الذكر:
في ظلّ هذا الحرّ الشديد، و أنتم تنعمون بالحريّة و بنعمة أجهزة التّبريد، تذكّروا دائما أنّ هنالك مواطنين و مواطنات يقبعون منذ أشهر عديدة في السجن بدون محاكمات بسبب تهم غير جديّة، و في كلّ الحالات لا تستوجب الإيداع في السجن وهم في طور التحقيق.
و هنالك مواطنين و مواطنات في السّجن من أجل كلمة، نعم من أجل كلمة، قد لا تعجبك و قد لا تتّفق مع قائلها، و لكنّها تبقى كلمة و رأي و موقف و تدوينة، غير موجبين للسّجن في الدّول المحترمة و العادلة.
في أدنى الحالات هؤلاء المواطنين و المواطنات لا يستحقّون الإيقاف و الإحتفاظ و الإيداع و بإمكان قاضي التحقيق “المستقلّ” أن يقرّر مواصلة التحقيق و البحث معهم وهم في حالة سراح، في منازلهم و مع عائلاتهم و أحبابهم و في مؤسساتهم الإقتصاديّة.
يا سيدي موش مشكل، اعملولهم تحجير سفر، اعملولهم إقامة جبريّة، حطّولهم سوار إلكتروني bracelet électronique و حدّولهم من التحرّك متاعهم، و لكن ابقوا عليهم في حالة سراح… أوّلا، لأنّ الأصل في الأشياء هو الحريّة و الإستثناء هو سلب الحريّة، و ليس العكس، و ثانيا لأنهم لا يمثّلون أيّ خطر على النظام العام و السلم الأهليّة.
بالعكس، هذا سيساهم في خفض منسوب التوتر الشديد السّائد و و يوفّر مناخا ملائما لإجراء انتخابات رئاسية في ظلّ انفراج سياسي و إعلامي و اقتصادي و اجتماعي، و سيحدّ من الإتهامات الموجّة لنظام قيس سعيد بمحاولة إرساء منظومة استبداديّة و قمعيّة.
و تاريخيا، لم يبني الخوف و الرّعب و الظلم دولا و أوطانا مزدهرة و قابلة للإستدامة…
و بالتالي، أطالب رئيس الدولة بكلّ لطف و مسؤولية أن يفرج عن كل المساجين و المعتقلين السياسيين و الإعلاميين و ناشطي المجتمع المدني الذين يقبعون في السّجون بدون محاكمات أو المتعلّقة بهم قضايا رأي أو المحالين على معنى المرسوم 54 سيء الذكر.
السيد رئيس الدولة،
هذه ليست بغلة عثرت في العراق.. … هؤلاء مواطنون و مواطنات تونسيّون و تونسيّات يتقاسمون معك هذا الوطن و منهم من ساهم في اعتلائك سدّة الرئاسة، و هم إلى حين إشعار آخر يتمتّعون بقرينة البراءة.
و من غير المعقول و المقبول إنسانيّا و قانونيا و أخلاقيّا أن يكونوا في السّجن في ظلّ هذه الظّروف.
و في الختام، لا أعتقد أنّك ستقبل بأن يقول المؤرخون أنّ تونس في عهد رئاسة أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد كانت سجنا كبيرا و دولة ظلم لأبنائها و بناتها، وهذا هو الشعور السائد حاليا للأسف.
و كما قال العلاّمة التونسي العظيم ابن خلدون، الظلم مؤذن بخراب العمران و الأوطان، و أنّه إذا انتشر خربت البلاد و اختلّ حال العباد.
وهذا ما لا نتمنّاه لبلادنا العزيزة تونس.