حادث محاولة اغتيال المرشح للرئاسة الأمر يكية دونالد ترامب مؤسف ومدان في حد ذاته ولكن لا شيء يمنع من استخلاص العبرة منه وهو أن المواقف السياسية التي تأخذها الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى لها حق الفيتو إلا وتجد صداها السيئ على اقتصادها ودورها كشرطي للأمن والاستقرار الدولي.
الدكتور المنجي الكعبي
أولا الأسف والتعافي لما وقع للرئيس دونالد ترامب من محاولة الاغتيال الفاشلة على يد بعض القناصة لأسباب ربما تكشف عنها الأبحاث لأن الشخص الرئيسي الذي قام بالفعلة تم قتله في اللحظة كطمس لأهم معالم الجريمة كما حصل لقاتل كيندي قبل التحقيق معه.
وكلّ قتل لأي نفس بغير حق هو أمر مدان في حد ذاته شرعا وإنسانية والسلامة شملته بعينها الإلهية من المكروه ليرفع قبضته من جديد الى السماء إصرارا على المضي فيما هو بصدده وهو الترشح للانتخابات القادمة رغم العوائق الكثيرة التي وضعتها المنافسات السياسية بينه وبين الحزب المقابل.
الحادث في حد ذاته مؤسف ومدان ولكن لا شيء يمنع من استخلاص العبرة منه وهو أن المواقف السياسية التي تأخذها الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى لها حق الفيتو إلا وتجد صداها السيئ على اقتصادها ودورها كشرطي للأمن والاستقرار الدولي.
وأصبح الكل شرقا وغربا بين حلفاء ومنافسين في معاناة لا توصف بسبب مواقفها غير المتوازنة أو المنحازة كالمناخ ومنظمة التجارة الحرة والاتحاد الأوروبي و حربها لطالبان والعراق وسوريا والنووي الإيراني وتضييقها على سلاح الطيران التركي وأخيرا أوكرانيا وغزة بتشجيع حلفائها على الاستمرار في الحرب نقضا للعقود والمعاهدات لضمان الحقوق المستوجبة بحكم الشرعية والاتفاقيات الدولية.
فكل حادثة تحدث فيها إصابات قاتلة للاقتصاد الأمريكي أو للنفوذ الأمريكي لا تخلو من تبعات على مستوى العالم، أو يوجد لها ناقم يتجسم في مقاومة هنا وهناك أو قناص ينفذ لمخطط انقلابي لتفريج كرب العالم مما في ظاهره سياسة أمريكية للدفاع عن الحقوق والحريات والديمقراطية وهي بالمحصّلة دماء طاهرة تسال وأرواح بريئة تزهق بطائراتها وسلاحها ولا تجد في الأخير إلا مندوبتها في مجلس الأمن ترفع يدها لنقض كل قرارات الشرعية الدولية والإرادة العامة المعبر عنها في الجمعية العامة لفائدة الاعتراف بدولة فلسطين على سبيل المثال.
حتي و إن كان ترامب من عتاة المناصرين للدولة اليهودية فإننا فلا نستغرب أن يشتبه بإسرائيل في محاولة الاغتيال كما اشتبه قديما في زعماء إسرائيل في مقتل اللورد برنادوت للَيّه العصا في يد الدولة العبرية غداة قرار التقسيم الأممي في 84 لأن أمريكا ضاقت الآن بمواصلة إسرائيل الحرب على غزة أكثر من المدة المقدرة من البيت الأبيض، وخلافها معها بخصوص اليوم الثاني بعد الحرب وتحرير القدس أصبح بعد طوفان الأقصى مطلبا أساسيا للمقاومة حماس وفي الضمير تراجع ترامب عن نقل السفارة الأمريكية إليها بعنوان عاصمتها لإسرائيل.
فلمَ لا تُتلمس وراء القاتل يد صهيونية لتنفيذ أغراض حكومة المتطرف نتنياهو، بعد أن عجز عن تحقيق أهدافه من وراء استمرار الحرب وجر الحكومة الأمريكية إليه؟ وتتهم إسرائيل بنفس السهولة التي اتهمت بها عدة أنظمة عربية وإسلامية بأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
نائب سابق و باحث جامعي.