تتكرّر مأساة البطاح في جزيرة جربة كل عام في وقت الصيف خاصة عندما يرجع المهاجرون التونسيون من الخارج إلى بلادهم أو تكثر السياحة بالبلاد فتتكدس السيارات على معبري الجرف وآجيم ذهابا وإيابا في مشاهد تدعو للتأمل والحيرة مما يقع في هذه المنطقة، ولم تسعَ الدولة الحكومات المتعاقبة إلى حلّها وفكّ طلسمها.
فوزي بن يونس بن حديد
هذا الوضع المخزي يضع علامات استفهام كبيرة أمام هذه الموضوع الشائك الذي استمر عقودًا من الزمان على هذا المنوال ولم يُحل، فمتى ستتحرك الحكومة التونسية لتعلن أنها جادة في حل هذا الإشكال، حيث يعاني الناس يوميّا تحت حرّ الشمس ساعات طوالا أو يغامر بعضهم بالذهاب في طريق أخرى وهم متعبون من السفر حتى ينعم بالدخول إلى جزيرة جربة.
فالمسافر الذي يأتي من تونس العاصمة أو من أي مكان آخر لزيارة جزيرة جربة، ويتكبّد مشاق الطريق الطويل أملا في الدخول بسرعة إلى الجزيرة، يصطدم بالصف الطويل جدّا حتى يصل كيلومترات على طريق الجرف – مدنين مما يصيبه بالإحباط واليأس ويجبره على الانتظار غير المرغوب فيه ويتساءل دومًا متى سيُنشأ هذا الجسر الرابط بين الجرف وآجيم، لماذا لم تسعَ الحكومة التونسية إلى رفع الحرج عن أهالي جزيرة جربة وساكنيها وزائريها عبر النظر بجدية في موضوع القنطرة الرابطة بين آجيم والجرف، وقد أعيى هذا المطلب أهالي الجزيرة بعد مناداة مكثّفة ومطالبات جديّة لرئيس الجمهورية السّيد قيس سعيّد ورؤساء الحكومات المتعاقبة حتى قبل ولاية الرئيس الحالي، ولكن كلها باءت بالفشل، ولم تؤتِ أكلها، وبقي الناس يتحمّلون الحرارة الشديدة في الصيف والبرودة الشديدة في الشتاء، أما إذا كانت هناك رياح وأمطار فتتوقف الحركة تمامًا وتتوقف مصالح الناس جميعا، وأحيانا تتوقف أعمال البطاحات لحاجة في نفس من يديرون هذا الجهاز.
مشروع استثماري على المدى الطويل
ورغم تتالي زيارات وزراء التجهيز كل مرة للاطلاع على الخدمات التي يقدمها البطاح ويرون المعاناة الحقيقية واليومية للسكان والزائرين، لا يطالبون الدولة بالعمل جديّا على هذا الملف الحيوي، اقتصاديّا، وما يدرّه على البلاد من حركة اقتصادية هائلة فيما لو تم الاتفاق مع جهة خارجية للنظر في هذا المشروع الاستثماري على المدى الطويل، وما يجرّه للمنطقة بأكملها من خير عميم، لكن الإرادة السياسية لم تنضج بعد في هذا الموضوع وظل الملف معلقا إلى حين الإفراج عنه، ولذلك نرفع صوتنا عبر هذا المنبر إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والبرلمان للنظر في هذا الموضوع الذي جفّت الأقلام من أجله، وبُحّت الأصوات من أجل تنفيذه، وكثرت المطالبات والطلبات ليكون في مقدّمة الموضوعات المهمة على قائمة تجديد الاقتصاد التونسي الذي يعاني منذ فترة من كساد تسبب في كارثة اجتماعية كبيرة تأثر بها المجتمع التونسي على كافة المستويات.
البطاح أو كما يريد التونسيون أن يسمّوه، مشروع استثماري يلوح في الأفق، ويمكن أن يحقق قفزة نوعية في الاقتصاد التونسي على المدى البعيد ويحل كثيرا من المشكلات العالقة، سواء تلك المتعلقة بالاقتصاد أو غيره، وتنتعش الحركة في مدن جزيرة جربة بأكملها، فإنشاء جسر يربط بين آجيم والجرف مشروع لا شك له تبعاته وآثاره الطيبة، لكن رغم دراسات الجدوى التي أقيمت ومخططات الجسر التي طُرحت وزيارات الفنيين والخبراء من تونس وخارجها إلا أن المسؤولين ما زالوا يترنّحون ويشككون في المشروع، ولا يحرك والي مدنين في هذا الموضوع ساكنا ولا يطالب الدولة بما يطالب به الشعب في هذه المرحلة التي تعيش أحلك الظروف في ظل الصعوبات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
على الحكومة أن تتحرك صوب هذا المشروع
وحتى يعيش الشعب مرحلته، فعلى الحكومة أن تتحرك صوب هذا المشروع بجدية وتضع لمساتها الأولى وخطوتها وتنطلق بقوة لإنشاء هذا الجسر الذي طالما حلم به أهل جربة وزائروها وساكنوها وكل من يأتي إليها من كل دول العالم.
نداءٌ تتالت صرخاته عبر موجات الأهلي للمسؤولين المباشرين أن يقفوا بجدية أمام بعض المشاكل التي تحدث للبطاح، مثل ركوب بعض الأشخاص أو المؤسسات دون انتظار مثل بقية المواطنين، وقد تحدث مشاكسات ونزاعات وربما ضربٌ بالأيدي أحيانا لإصرار البعض على الركوب بقوة قبل الآخرين، أو إيقاف عمل البطاح لتعطيله، أو غير ذلك من الممارسات التي تحدث بين الفينة والأخرى.