حفل اللبناني وائل الكفوري على ركح قرطاج الأثري : بعد غياب تسع سنوات يلتقي العاشقان للغناء معا

ثاني سهرات الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي أحياها الفنان اللبناني وائل الكفوري الملقّب بملك الرومنسية، حفل نفذت تذاكره قبل أكثر من أسبوعين واستعد الجمهور لملاقاة نجم سهرتهم منذ ساعات المساء الأولى ليضمنوا أماكنهم ويسافروا مع أغانيه التي حفظوها ورددوها على المدارج خلال فترة الانتظار الطويلة، كلماته تدغدغ الحواس وتحرّك الوجدان بما تتضمّنه من معان ومشاعر انسانيّة رهيفة… فنان بدأ مسيرة ذهبيّة وهذا الوصف ليس مجازا فوائل الكفوري فاز بميدالية ذهبية في أول اختبار فنّي خاضه ببرنامج “أستوديو الفن” في بداية تسعينات القرن الماضي وكانت تلك الدورة تضم مجموعة من المواهب منها أليسا وديانا حداد ومعين شريف… ووصفته اللجنة وقتها بأوّل هاو يغنّي باحتراف، حمل ألبومه الأول عنوان “شافوها وصارو يقولو” وتتالت بعده الألبومات وتهافت على صوته كتّاب الأغاني والملحنين وقدّم عديد “الدّيوتو” مع فنانات لبنانيات كنوال الزغبي وديانا حداد وغيرهما أكسبته شهرة أوسع على مستوى العالم العربي وصار يحيي حفلات فنيّة بجلّ بلدانه، لم يقف طموح الفنان صاحب “الموريكس الذهبية” عند هذه الخارطة الفنية بل صار مطلوبا في أوروبا وأمريكا وأستراليا… لتزداد رقعة معجبيه أكثر فأكثر.

بكاريزما وحضور آسر أطلّ النجم اللبناني مساء الجمعة 19 جويلية 2024 على جمهور مهرجان قرطاج بعد غياب تسع سنوات عن ركحه الروماني العريق، جمهور قارب عدده السبعة آلاف أغلبه من الشباب (وأغلب الشباب من الفتيات) استعدّ تمام الاستعداد لقضاء ليلة قرطاجنيّة حالمة مع فنان جاء حاملا بيده وردة وحب وأغنيات…
“أهلا وسهلا شرفونا أحبابنا” تحيته لتونس وشعبها اختارها في شكل موّال لبناني/ميجنا استمع لها الجمهور بتركيز وسكون… حالة لم تستمرّ سوى لحظات، حيث سرعان ما سيطر (الجمهور)على المشهد بحماس كبير وصاحب الفرقة الموسيقية المتكونة من خمسة عشر عازفا ليغنّي كلّ الأغنيات التي اقترحها وائل الكفوري برنامجا لحفله “بحبّك أنا كتير” و”مين حبيبي أنا” و”لآخر دقّة” و”حلو الحب” و”سألوني” و”ما وعدتك” و”عمري كلو” و”لو حبنا غلطة”… وغيرها من الأغاني ذات الطابع الرومنسي الخفيف كلمة وإيقاعا والحاملة لمعاني الشوق والحب والجمال والدلال والشغف وبهجة اللقاء… كلمات تخيّلنا من فرط رقتها أن فراشات بلون الزّهر حلّقت في سماء قرطاج… ف”ملك الرومنسية لم يكن اللقب الوحيد الذي أطلق على ابن جبال الأرز بل هناك ألقاب أخرى اختارها له ملحنون لبنانيون منها “كامل الأوصاف” و”العندليب الطائر” و”ربيع قلب العشاق”… وربما تكون هذه الألقاب ناتجة عن خياراته الفنية المفعمة بمعاني الحب والجمال

غنّى نجم لبنان على عديد المسارح وصفّقت له جماهير من كلّ الجنسيّات لكنه مساء الجمعة كان أمام جمهور ليس له شبيه وعلى مسرح فريد متفرّد لا تضاهيه مسارح العالم عراقة وسحرا بشهادة كلّ من اعتلاه من كبار النجوم، سهرة لم يسر إيقاعها بنسق تصاعدي وإنما كانت حفلا أشبه بلقاء الأحبّة بعد غياب، وهو أمر لامسناه في تلك العلاقة الخاصة بين وائل وجمهور قرطاج فما إن تدندن أنامل العازفين أوّل جملة موسيقيّة حتى تنطلق الأصوات بالغناء وقد حفظت اللحن والكلمة بكلّ موازينها وقفلاتها بجوابها وقرارها أمام دهشة الفنان ودهشة العناصر الموسيقيّة، كان وائل الكفوري سخيّا مع هذا الجمهور الرائع فغنّى له أكثر من خمس عشرة أغنية وأعاد بعضها بطلب منه، وبادله الجمهور هذا الحبّ وفرحة اللقاء بأن لزم المدارج حتى اللحظة الأخيرة من زمن الحفل عندما أشارت الساعة إلى منتصف الليل.

حفل فني خفيف شبابي لنجم لبناني له جمهور عريض جاء بعد حفل افتتاحي امتزج فيه الطربي بالصوفي بالطبوع التونسية للفنان القدير لطفي بوشناق بجمهوره المختلف (نوعا ما)، تأتي بعدهما حفلات فنية أخرى لفنانين من دول عربية وغربية وافريقية ضمن برمجة حاولت خلالها الهيئة المديرة مراعاة كلّ الأذواق والشرائح العمرية في هذه الدورة الثامنة والخمسين التي تتواصل إلى غاية 17 أوت 2024

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.