قيس سعيّد يرشّح نفسه رسميّا لولاية ثانية فماذا في جعبته هذه المرة؟

أمام المرشّح للانتخابات الرئاسية القادمة ملفات ساخنة، أهمها الملف الاقتصادي الذي بات من المؤكد أنه يحتل المرتبة الأولي في العقل التونسي، وبدونه لا تستطيع تونس أن تتقدم، فالبحث عن حلول عاجلة والنظر في ملفات اقتصادية متعدّدة، والحرب على الفساد دون هوادة، والانفتاح على الاقتصاد العالمي وتحسين حوكمة الاقتصاد و دفعه إلى الأمام خاصة و أنه يشكو من ركود كبير خلال السنوات الماضية.

فوزي بن يونس بن حديد

مثلما كان منتظرا، قدّم الرئيس قيس سعيّد ترشّحه رسميّا للفوز مرة ثانية في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في تونس يوم الأحد السادس من أكتوبر القادم، بعد أن يتم ولايته الأولى التي شهدت منعرجات كثيرة في مسارها السياسي، حيث كانت بدايتها ضعيفة نوعًا ما إذ لم تكن للرئيس آنذاك سُلطات واسعة بموجب دستور 2014، وفي 25 جويلية 2021 أي بعد سنتين من تسلّم الرئيس سعيّد مهام عمله رسميا رئيسا للجمهورية في 2019م حدث ما يشبه التحول في تونس حيث ألغى الرئيس دستور 2014 وعزل رئيس الحكومة آنذاك السيد هشام المشيشي، وجمّد عمل البرلمان في خطوة رآها ضرورية لتصحيح المسار السياسي في تونس بعد أن شهدت البلاد تقلبات خطيرة طوال عشر سنوات مضت بين حكومة لم تكمل السنة الواحدة وأخرى أكملتها بقليل، دون إحداث تغيير جذري في المشهد العام فيما يمس المواطن التونسي في حياته اليومية.

حتى تخرج تونس من وحلها

وجاء السّيد قيس سعيّد اليوم ليقدّم ترشّحه لولاية ثانية في انتخابات أكتوبر 2024، في وقت يسمح له بأن يكون المرشح الأوفر حظا رغم استياء كثير من التونسيين أحزابا و جمهورا من الوضع القائم ومن سياسات الرئيس سعيّد نفسه، وفي وقت ترشّح فيه عدد من القيادات السياسية المعروفة مثل عبير موسي و لطفي المرايحي وغازي الشواشي وعصام الشابي و عبد اللطيف المكي و الصافي سعيد و نزار الشعري وغيرهم ممن يُسمح لهم قانونيا بتقديم ترشّحاتهم للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية في المرحلة القادمة من 2024-2029 – رغم أن معظم هؤلاء المرشحين في السجن أو ملاحقين في عديد القضايا –، وهي  مرحلة تحتاج فيها إلى قيادة واعية تمضي بتونس نحو الأمام من أجل التخلص من التبعات القديمة التي جمّدت حركة التطور في البلاد نحو الازدهار والرقي والتغيير المرحلي، مما استوجب على الجميع إدراك قيمة هذه المرحلة حتى تخرج تونس من وحلها الاقتصادي والاجتماعي الخطير.

وأمام المرشّح الرئاسي القادم ملفات ساخنة، أهمها الملف الاقتصادي الذي بات من المؤكد أنه يحتل المرتبة الأولي في العقل التونسي، وبدونه لا تستطيع تونس أن تتقدم، فالبحث عن حلول عاجلة والنظر في ملفات اقتصادية متعدّدة، والحرب على الفساد دون هوادة، والانفتاح على الاقتصاد العالمي وتحسين حوكمة الاقتصاد و دفعه إلى الأمام خاصة و أنه يشكو من ركود كبير خلال السنوات الماضية. إعادة هيكلة الاقتصاد هو الملف الذي يجب أن يركز عليه أي مرشح لرئاسة تونس، وحتى ينجح السّيد قيس سعيّد في الانتخابات القادمة عليه أن يقدم رؤيته الاقتصادية الجديدة حتى يقتنع الناس بتحرّكه نحو إنعاش الاقتصاد بالبلاد وجعله يتمدّد ويتحرك، لتتأثر بعده الملفات الأخرى تباعا، مع المحافظة على الأمن العام كورقة قوية في يده لا تُمسّ تحت أي ظرف من الظروف.

وأعتقد بأن الرئيس سعيّد يملك من هذه الأوراق ما يكفيه أن يكون المرشح الأوفر حظا في هذه الانتخابات لاعتبارات عدة أهمها على الإطلاق أن كل الذين قدّموا ترشحاتهم لمنصب الرئيس لا يملكون الشعبية الكافية التي تؤهلهم لخوض هذا السباق، وزد على ذلك لا يملكون رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة، وقد جرّب الشعب التونسي بعضهم منذ عام 2011 تاريخ الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، فلم يفلحوا في إنقاذ الشعب التونسي من مأزق البطالة والاقتصاد المتعثر وغلاء الأسعار، وغيرها من المشاكل التي كانت تؤرق الشعب التونسي برمّته، مما أدى إلى مشاكل لا تُحصى ولا تعد.

توحيد التونسيين و تجنب التفرقة بينهم

ومن بين الملفات التي ينبغي أن يعمل عليها المرشح الرئاسي، أن يدعو جميع التونسيين إلى الوحدة ووضع اليد في اليد، دون اعتبارات سياسية معقدة تفصل بين هذا وذاك، لتظل تونس واحة أمن وأمان وسِلم وسلام، تحوي أبناءها وكفاءاتها ومواردها البشرية التي ظلت تهاجر في الفترات السابقة لتدني الأجور وضعف القدرة الشرائية وعدم وجود البدائل المتاحة للعيش في البلاد بسلام، كل ذلك يمكّن الشعب التونسي من استرداد أنفاسه، والنهوض بالبلاد نحو التقدم والازدهار من جديد فتقوى العملة التونسية الدينار، وتقوى القدرة الشرائية تدريجيا، وتصبح البلاد مقصدا استثماريا سواء كان ذلك في الشمال أم في الوسط أو في الجنوب، وبالتالي تكون النظرة شمولية وليست جهوية.

كما يوجد الملف الإداري الذي يحتاج إلى هيكلة جديدة، حتى يصبح الموظف قادرا على خدمة الشعب التونسي دون تكاسل أو منّ أو فساد، ومن الضروري ضبطه ومراقبته، ومراقبة كل من يتهاون في أداء واجبه تجاه وطنه وشعبه، ومحاسبته على تكاسله أو تهاونه في ما يقدمه من خدمات، وهكذا تستطيع أن تتقدم تونس إلى الأمام رويدا رويدا، ويدًا بيد.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.